هل حان الوقت لهجر متصفج جوجل كروم؟ لطالما كان تاريخ متصفحات الإنترنت محكوماً بوجود متصفح مهيمن ومنافسين عدة أصغر منه في الواقع. فقد كان المسيطر هو Netscape Navigator في التسعينيات، وتلاه إنترنت إكسبلورر في مطلع الألفية. لكن منذ قرابة عقد الآن هناك اسم واحد مهيمن على المجال دون إبداء أي علامة ضعف: جوجل كروم. حيث أثبت المتصفح أنه أصل لا يمكن التخلي عنه لشركة جوجل، وساعدها بإكمال هيمنتها على عالم الإنترنت.
اقرا المزيد:أهم إضافات فايرفوكس لتحميلها في 2021
سواء للحواسيب أو الهواتف الذكية، يهيمن جوجل كروم على حوالي 65% من سوق المتصفحات اليوم. ومع أن هذه النسبة لا تزال دون مستويات احتكار إنترنت إكسبلورر التي تجاوزت 90% في بعض الأوقات، فهي لا تزال كبيرة. ومنذ عام 2012 بات جوجل كروم هو الملك المتوج للمتصفحات وسط انهيار منافسيه التقليديين إنترنت إكسبلورر وحتى فاير فوكس.
اليوم لا يزال جوجل كروم سيد عالم المتصفحات وللعديد من الأسباب الوجيهة دون شك. لكن هذه السيادة قد لا تكون جيدة للمستخدمين حقاً، وربما حان الوقت للتخلي عن جوجل كروم واستخدام متصفح آخر.
لماذا هيمن جوجل كروم على سوق المتصفحات أصلاً؟
بالنسبة لمن يعرف علل جوجل كروم العديدة اليوم، قد يبدو كونه صعد إلى الواجهة أمراً غريباً وبالأخص لمعادي المتصفح. لكن الواقع هو أنه كان المتصفح الأفضل للمستخدمين ولوقت طويل حتى. حيث أنه ومنذ البداية متفوق بمراحل على منافسه فاير فوكس ولا مجال لمقارنته مع إنترنت إكسبلورر. لكن وبشكل عام كان هناك بعض الميزات التي جعلت جوجل كروم مميزاً دون شك مثل:
- سرعة تصفح أعلى بوضوح وسلاسة أكبر بتحميل الصفحات والتعامل معها.
- عزل العمليات بحيث تكون كل صفحة عملية مستقلة، وفي حال توقفت صفحة عن العمل يستمر باقي المتصفح كما كان بدل التوقف المفاجئ.
- إتاحة “الإضافات” كتطبيقات مصغرة تعمل ضمن المتصفح وتقدم العديد من المهام المفيدة مع وجود سوق موحد للإضافات.
جميع هذه الأسباب معاً جعلت كروم خياراً مثالياً لتصفح الإنترنت. وبسرعة بات المحترفون وحتى ذوو المستوى المتوسط بالمعرفة التقنية ينتقلون إليه هاجرين إنترنت إكسبلورر. ومع الوقت كانت تحديثات المتصفح دورية وجيدة مع المزيد من الميزات المفيدة مما شجع المستخدمين على البقاء.
لماذا بات هجر جوجل كروم فكرة جيدة مؤخراً؟
مقابل الإيجابيات الكبرى التي امتلكها جوجل كروم دون شك، فقد كان هناك عيوب مقابلها دون شك. ومع مرور الوقت تحسنت المتصفحات الأخرى بشكل هائل ودخلت المنافسة بقوة وبالأخص Safari وEdge. ومع تحسن هذه المتصفحات باتت عيوب كروم أوضح من جهة، وميزاته أقل إثارة للإعجاب. لكن في حال أردنا تلخيص أهم مشاكل جوجل كروم، فهي على الأرجح:
الاستخدام الهائل للموارد
نتيجة تخصيص عملية جديدة لكل صفحة وكل إضافة، بات من المعتاد أن يستخدم المتصفح كماً كبيراً من موارد الجهاز. فهو معروف باستهلاكه لذاكرة الوصول العشوائي، وعادة ما يحتاج المزيد من قدرة المعالجة أيضاً. ومع أن المتصفحات الأخرى تمتلك سلوكاً مشابهاً نوعاً ما، فالمقدمة من صانعي الأنظمة عادة ما تكون أكثر قدرة توفير البطارية. وفي هذه المجالات بات أداء كروم متخلفاً بوضوح خلف كل من سفاري من أبل وإيدج من مايكروسوفت.
في الحواسيب بالأخص بات تأثير جوجل كروم على البطارية واضحاً للغاية اليوم. وسواء في نظام ويندوز أو macOS بات المستخدمون أفضل حالاً مع المتصفح الأساسي لهم إن أرادو المزيد من حياة البطارية.
المشاكل الأمنية التي لا تنتهي
جوجل كروم ليس معاباً أكثر من سواه من الناحية الأمنية، بل أن جوجل تبذل جهوداً هائلة لتحصينه أكثر دون شك. لكن المتصفح يعاني من كونه المتصفح الأكثر انتشاراً وبالتالي الأكثر استهدافاً من المخترقين والمحتالين. وفي السنوات الأخيرة بات تهديد الثغرات الأمنية في المتصفح مشكلة كبرى للكثيرين، وبات وجود برمجيات التجسس والبرمجيات الإعلانية ضمنه مشهداً معتاداً للعديد من المستخدمين المبتدئين.
بالطبع هناك استهداف مستمر للمتصفحات الأخرى دون شك، لكن تركيز المخترقين منصب على جوجل كروم قبل كل شيء حالياً. وحتى المتصفحات المبنية على مشروعه مفتوح المصدر (Chromium) تعد أكثر مناعة منه مع أنها تدعم نفس الإضافات.
المشكلة الأساسية: جوجل تمتلك كروم
عندما كان كروم فتياً، كان ارتباط اسم أي منتج باسم جوجل عاملاً إيجابياً للكثيرين، فقد كانت سمعة جوجل ممتازة على كل الأصعدة. لكن المظهر العام للشركة التي تبنت شعار “لا تكن شريراً” في الماضي قد تغير مع تحول سلوكها إلى افتراسي بشدة. حيث أن الشركة أكبر منتهك لخصوصية المستخدمين في العالم، وتجمع كم بيانات مرعب حقاً حتى بمعايير أجهزة الاستخبارات.
قبضة جوجل على الإنترنت أقوى اليوم من أي وقت مضى، وهناك جزء كبير من هذه الحقيقة ناتج عن متصفح جوجل كروم. وبالنظر إلى سجل جوجل السيء بشأن احترام خصوصية المستخدمين، فمنحها المزيد من المعلومات ليس فكرة جيدة. وفي ظل نظام FLOC القادم إلى متصفحها فالأمور لم تعد مطمئنة.
بالطبع فأنت تخسر خصوصية تصفحك لصالح أي جهة تقدم المتصفح الذي تستخدمه تماماً كما الحال مع جوجل. وكل من أبل ومايكروسوفت مهتمتان بجمع بيانات المستخدمين وتقديم الإعلانات الموجهة لهم دون شك. لكن الحصول على قسم فقط من بيانات المستخدم أفضل له من حصول أي جهة على كل بياناته. فالمكاسب من البيانات الإضافية تنمو بشكل أسرع من نمو البيانات نفسها.
عموماً وبالنسبة للمهتمين بالمستوى الأعلى من الخصوصية، هناك بعض المتصفحات التي تقدم ذلك بشكل أساسي وتتعهد بعدم جمع بيانات المستخدمين. لكن العائق الدائم أمام هذه المتصفحات هو كون ميزات مزامنتها سيئة عادة أو حتى افتقادها لبعض الميزات الموجودة في الخيارات الثلاثة الكبيرة اليوم: كروم، سفاري، إيدج.
اقرا المزيد:حل مشكلة عدم القدرة على الوصول الى موقع الويب