قصة ناسخ الأتاري والووكمان الذي أصبح ضمن أكبر عمالقة صناعة الهواتف المتحركة في العالم

نجح في إنتاج جهاز شبيه أسماه فيفو وصبغه بالصبغة الصينية، وباعه بغزارة في وقت كان السوق الصيني

في الثمانينات بدأ مهندس شاب صيني يدعى دوان يونغ بينغ، مشروعاً صغيراً لتقليد واستنساخ «الأتاري» جهاز الألعاب الإلكترونية الشهير، في بلده الصين التي كان ممنوعا فيها استيراد ذلك الجهاز في ذلك الوقت، وبالفعل نجح في إنتاج جهاز شبيه أسماه فيفو وصبغه بالصبغة الصينية، وباعه بغزارة في وقت كان السوق الصيني متعطشاً لمثل هذه الأمور الترفيهية، وطور الشاب الصيني الجهاز الترفيهي ليضيف عليه صبغة تعليمية، ليبيع ملايين الوحدات ويربح الملايين..

ومستغلا نجاحه أنشأ دوان يونغ بينغ، شركة أخرى لاستنساخ أجهزة الووكمان والصوتيات بشرائط الكاسيت أسماها أوبو، ورويدا رويدا بدأ رواج أجهزة الأتاري يخفت، ولم تعد تدر ربحا، وانتهت ظاهرة شرائط الكاسيت وبالتبعية أجهزة الووكمان، فبحث الشاب عن اتجاه آخر بدأ يذيع صيته في التسعينات، وكان أجهزة تشغيل الاسطوانات والفيديو سي دي، وأنفق الآلاف على الدعاية المفرطة لأجهزته، وبدأت تلقى رواجاً كبيراً وتدر أرباحاً، وليس على مستوى الصين فقط، بل بدأ يبيع أجهزته في أنحاء العالم، ثم تطورت الشركة الجانبية التي أنشأها وبدأت تتجه لاستنساخ مشغلات إم بي ثري التي اشتهرت بها سوني، وباتت أجهزته، البديل الرخيص لأجهزة سوني، خاصة أنه أضاف لها الكثير من الخصائص الإضافية للأجهزة كشاشة مضيئة أو أضواء تعمل مع الإيقاع.

راجت الشركتان، وانطلق المهندس الصيني الذي بدأ من تحت السلم في مراقبة الأسواق، وكلما يخفت صيت سلعة يبدأ في الأخرى، حتى تلقف عالم الهواتف المحمولة في مطلع الألفية.

وبدأ في إنتاج أجهزة أوبو التي كانت استنساخا شكليا لأجهزة أبل وإل جي وسامسونج، مع إضافة تحسينات شكلية دون تقديم عتاد داخلي استثنائي أو حتى يوازي السلعة الأصلية المستنسخة، وبتطوير سنوي للعتاد حتى يلاحق الأسواق وتطور المنافسين.

ولم يرد رجل الأعمال الصيني الذي صار مليارديرا أن يغلق شركته الصغيرة الأخرى فيفو، فبدأ ينتج خطين متوازيين من الإنتاج للهواتف بينهما تكاملية وفقا لقياسات السوق ومتطلباته، حيث لكل شركة من الشركتين طابعه وزبونه المستهدف.

التعالي

ومع محدودية إنتاج سوني واتجاهها للتعالي في إنتاج الهواتف المتحركة وزيادة أسعار أجهزة سوني بشكل كبير دون تقديم تطويرات تكافئ الأسعار، وتراجع إل جي قبل انسحابها من سوق الهواتف بعد عدد من الإخفاقات الإنتاجية، رفع الرجل استثماراته في الهواتف المحمولة، وأضاف شركة «وان بلس» لمجموعته لاستهداف فئة أخرى من الجماهير وهم عشاق التكنولوجيا الأقل دخلاً، الذين لا يملكون المال الكثير ويريدون شيء بطعم ورائحة الفئة الرائدة..

ونجح «وان بلس» في استقطاب تلك الفئة، فأيقنت الشركة التي لم يعد يديرها شخص واحد وإنما كيان كامل سر الخلطة، أن لكل فئة منتجها وناسها، فصارت فيفو تقدم القيمة الأعلى لعشاق التكنولوجيا الأغنياء، وأوبو الرأس الكبيرة التي تستهدف الشباب وصغار السن ممن يملكون المال ولا يفهمون بالكامل في الأمور التقنية، وممن يتبنون الدعاية ويسيرون خلف نجومهم المفضلين الذين استخدمهم في دعايات بالملايين.

وفي ظل بعض من التخبط أصاب المنافسين الصينيين مثل شاومي التي عانت في بعض الأوقات من انتقادات على مستوى الجودة، وهاواوي التي مُنعت من استخدام خدمات غوغل، بسبب الحذر الأمريكي، والذي أيضاً منع العملاق الصيني من استخدام خدمات شبكات الجيل الخامس، تبقى لشركة بي بي كي العملاقة فئتين في الأسواق أرادت أن تجذبهم لمنتجاتها، وهم الشباب الذي لا يملك الكثير من الأموال بنوعيهم، غير المتعمق في التقنية، وعشاق الألعاب، فأنشأ لهم ريلمي، وآيكو، وهؤلاء كان يجب عليه أن يقلل التكلفة لهم قدر الإمكان، فلم ينفق على دعايات ولم ينشئ محلات ومنافذ بيع، واعتمد على الانتشار الشفوي والإعلانات المبطنة بشراء بعض الذمم، فامتلك جزء كبير منهم خلال العامين الأخيرين، ليصبح اللاعب رقم واحد في العالم في المبيعات بمجموع مبيعات الماركات الخمس أوبو وفيفو ووان بلس وريلمي وآيكو، والأخيرة ما تزال تابعة بالكامل لفيفو، وإن كان انتشارها ينبئ بقرب استقلالها.

وبعد توحش بي بي كي في الأسواق العالمية أعتزل مالكها الإدارة وعاش في أمريكا، وترك تلاميذه يديرون المجموعة بنفس فلسفته واستراتيجيته المبنية على مراحل: قلد.. طور.. اعرف زبونك واصطاده بكل الطرق.. انتشر.. اكبر وسيطر!

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى