مع اقتراب موسم العطلات والسفر، يعود الوقوف في طوابير الأمن والانتظار لفترة طويلة قبل الوصول إلى الطائرة، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تخفيف هذه المشكلة، وأن يمنح الناس تجربة الطيران التي يستمتع بها المسافرون الأثرياء، حيث لا داعي للقلق أبداً في شأن أوقات المغادرة أو خطوط الأمن مثل بقية الأشخاص.
في كتابهم الأخير “القوة والتنبّؤ: الاقتصاد التخريبي للذكاء الاصطناعي”، درس الاقتصاديون والأساتذة في جامعة تورنتو أجاي أغراوال وجوشوا غانز وآفي غولدفارب التأثير الأساسي لأنظمة الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة على صنع القرار البشري، إذ يُعتمد بشكل متزايد على الأتمتة وتوقعات البيانات الضخمة. يفترض العلماء في الكتاب ما قد تبدو عليه مطارات الغد إذا أزال الذكاء الاصطناعي الازدحام المروري والتأخيرات الأمنية.
نظام المطار البديل
قبل التفكير في التهديد الذي قد يشكله تنبؤ الذكاء الاصطناعي لمواعيد المطارات، كما هو الحال مع كل شيء، هناك نظام بديل يمكنه أن يوضح لنا كيف يبدو الجانب الآخر. أحد الأمثلة هو العالم الخاص بالأثرياء جداً، الذين لا يسافرون كعامة الشعب، وبالتالي ليس لديهم فرصة للتعامل مع مباني المطار العامة. بدلاً من ذلك، يطيرون بشكل خاص ويذهبون عبر محطات خاصة.
الفروقات كثيرة بين السفر التجاري والخاص، أبرزها وجود جدول زمني، إذ ستترك الطائرات التجارية الركاب المتأخرين خلفها إذا تأخروا. أمّا في الطائرة الخاصة، يكون الجدول الزمني أكثر مرونة أو غير موجود حتّى، فإذا لم يكن الركّاب موجودين، فلن تغادر الطائرة حتى وصولهم، وإذا وصل الركاب في وقت مبكّر، تغادر الطائرة مبكّراً. صُمّم هذا النظام بالكامل حتّى لا ينتظر الركّاب.
تأثير الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي ليس أمراً غربياً على المطارات، فيعتمد التحكم في الحركة الجوية على أنظمة قائمة على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بشكل أفضل بوصول الطائرات وازدحامها. في مطار أيندهوفن، يتم تجريب نظام جديد لتسليم الأمتعة يعمل بالذكاء الاصطناعي، إذ يقوم الركاب بتصوير حقائبهم ببساطة، تسليمها، واستلامها في وجهتهم، من دون الحاجة إلى ملصقات، بحسب موقع “إن غادجت”. وهذا سيساعد في الوصول إلى الوجهة بسرعة أكبر.
ومع ذلك، لا يغيّر أي من هذه الأشياء الأسباب الرئيسيّة لعدم اليقين في الوصول إلى الطائرة على الموعد، الزحمة، الوقوف لوقت طويل في الصف، وإجراءات الأمن. وساعدت التطبيقات الملاحية مثل “وايز” (Waze) المسافرين للوصول على الموعد، إذ تأخذ في الاعتبار ظروف حركة المرور ويمكن أن تقدّر المدة التي يستغرقها الوصول إلى أي مطار. التطبيقات ليست مثالية، لكنها تتحسن باستمرار. يمكن للركّاب إضافة وقت الرحلة إلى التقويم الخاص بهم، وسيخبرهم التطبيق بأفضل وقت للمغادرة وفقاً لذلك.
قد لا يلغي هذا الأمر عدم اليقين في الوقت الفعليّ للحاقهم بالطائرة، إلّا أنّه خطوة مهمّة لتوفير المزيد من وقت الانتظار. وبالمثل، فإن العديد من ركاب سيارات الأجرة “أوبر” الذين اعتقدوا سابقاً أنهم لن يهتموا بمعرفة وقت الوصول المتوقع لسيارتهم الأجرة، يستشهدون الآن بهذه المعلومات باعتبارها واحدة من أكثر الميزات قيمة في الخدمة.
تستخدم “أوبر” الذكاء الاصطناعي لتحديد هذا التوقع، ويمكن أن يتنبأ الذكاء الاصطناعي أيضاً بأوقات الانتظار في صفوف أمن المطار. بذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد موعد المغادرة إلى المطار بدلاً من الذهاب قبل الوقت ببضع ساعات.
أولئك الذين يطورون تطبيقاً للملاحة يعتمد على الذكاء الاصطناعي أو للتنبؤ بمغادرة الرحلة ليس لديهم مصلحة مباشرة في أرباح أنشطة المطار داخل المبنى، ومع ذلك، فإن قيمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم تعتمد بشكل حاسم على عدد الأشخاص الذين لا يرغبون في الانتظار في المطارات. وبالتالي، إذا كان الانتظار في المطارات حالياً أقل، فإن قيمة هذه التطبيقات تتضاءل.
قواعد الحماية
النقطة الأهم هنا لا تتعلق بالمطارات ولكن بالقواعد المصمّمة لحماية الركّاب، والتي غالباً ما تتسبّب في تأخير وصول الركّاب أو تأجيل إقلاع الطائرة. تنشأ القواعد لحماية وتيسير أمور الركّاب، لكنها تخلق مجموعة المشاكل الخاصة بها. فتحدّد القوانين تدابير مختلفة لحماية الأشخاص من الأحداث غير المؤكدة. هذا يعني أنّها تولد عادةً ما يشبه الحلول المبالغ فيها، فهي مصممة لمجموعة معيّنة من الأحداث التي قد لا تقع.
لسنوات عديدة، أشار خبراء إلى أن سترات النجاة والطوافات على متن الطائرات بدت بلا فائدة، نظراً لعدم نجاح أي طائرة في الهبوط على الماء. إلّا أنّ الكابتن سولينبرجر هبط عام 2009 في طائرة تابعة للخطوط الجوية الأميركية بمحركات معطّلة على نهر هدسون. قد يكون هذا المثال الوحيد لحدث يجعل سترات النجاة الاحترازية مفيدة، إلّا أنّ إلغاءها سيثير التساؤلات.
إن النقطة الرئيسية لكتاب “القوة والتنبّؤ” هي أنّه من غير الممكن قياس ما إذا كانت الاستثمارات التي تم إجراؤها للحماية مفرطة وغير مفيدة، ومن الممكن أن يهدر الكثير على شيء لم يعد يمثل مخاطر عالية على الإطلاق لهذا السبب.