فاجأت موزيلا مجتمع متصفحات الويب بخطوة غير متوقعة، إذ أعلنت عن ميزة جديدة تحمل اسم “نافذة الذكاء الاصطناعي” داخل فايرفوكس، تضيف مساعدًا ذكيًا مباشرةً إلى تجربة التصفح، مع منح المستخدم حرية اختيار نموذج الذكاء الاصطناعي الذي يفضله. وفي وقت تدفع فيه جوجل ومايكروسوفت مستخدمي كروم وإيدج للاعتماد على أنظمتها المغلقة، تأتي موزيلا برسالة واضحة: الاختيار ما زال حق المستخدم.
وتصف الشركة الميزة الجديدة بأنها تجربة مخصّصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تُضاف إلى وضعي التصفح التقليدي والخاص، وتُعد أكبر نقلة للمتصفح في هذا المجال. وعلى عكس المنافسين، لا تفرض موزيلا نظام ذكاء اصطناعي واحدًا، بل تمنح حرية أكبر لمن يرغبون في تجنّب الالتزام الكامل بمنصات الشركات الكبرى.
وفي منشور الإعلان، لم تُفوّت موزيلا فرصة توجيه نقد لطيف للمنافسين، مشيرةً إلى أن “البعض يبني تجارب تُبقي المستخدمين محاصرين داخل حلقات محادثة مغلقة”، بينما تهدف موزيلا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لدعم انفتاح الويب، لا لحصر المستخدمين داخل منظومة واحدة.
ورغم الحماس الكبير، فإن نافذة الذكاء الاصطناعي ليست متاحة بعد للتنزيل، لكن تطويرها يجري علنًا بمشاركة ملاحظات المستخدمين، وقد فتحت الشركة قائمة انتظار لاستقبال أوائل المهتمين، في خطوة تُعزز الشفافية وتخلق زخمًا إعلاميًا متعمّدًا، بعكس الإطلاقات المغلقة لمتصفحي كروم وإيدج.
ولم تكن هذه أولى تجارب موزيلا في عالم الذكاء الاصطناعي؛ ففي العام الماضي قدمت ميزة “هزّ للتلخيص” على أجهزة آيفون، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتلخيص صفحات الويب. لكن نافذة الذكاء الاصطناعي تمثل تحولًا استراتيجيًا أعمق لفايرفوكس، الذي تراجعت حصته في سوق المتصفحات إلى نحو 3% فقط، مقارنة بقرابة 65% لكروم. ومع تزايد سباق الشركات لدمج الذكاء الاصطناعي في المتصفحات، تدرك موزيلا أنها لا تملك رفاهية البقاء على الهامش.
ورغم ذلك، يبقى جوهر فايرفوكس ثابتًا: الخصوصية وحرية الاختيار. إذ ترى موزيلا أن منح المستخدم القدرة على اختيار نموذج الذكاء الاصطناعي أمر أساسي. لكن تفاصيل النماذج المتاحة، وآلية التبديل بينها، ومدى استعداد المستخدمين لاعتماد هذه المرونة، كلها أمور لا تزال غير واضحة.
كما أن نجاح التجربة يتوقف على مدى سلاستها؛ فالتنقل بين نماذج متعددة يجب أن يكون بسيطًا وبديهيًا، وإلا فقد يفضل المستخدمون البقاء مع النظام المدمج مسبقًا في أجهزتهم.
