بقيمة سوقية تتجاوز بلدانًا كاملة.. كيف أحكمت الشركات التقنية قبضتها على الاقتصاد العالمي؟
بقيمة سوقية تتجاوز بلدانًا كاملة.. كيف أحكمت الشركات التقنية قبضتها على الاقتصاد العالمي؟ تُرى ما الذي جعل أسماء مثل بيل غيتس أو جيف بيزوس أو إيلون ماسك أو مارك زوكربيرج في الصدارة دائمًا؟ أتفهم أنهم من عمالقة التكنولوجيا والشركات التقنية الذين تركوا بصمة واضحة في عصرنا الحالي ولن ينساهم التاريخ. لكنّ هناك شيئًا آخر، إنهم في قائمة أغنى رجال الأعمال في العالم، ويمتلكون كبرى الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا، ورصيد كل واحد منهم في البنوك قد يعادل ميزانية دولة بأكملها. والحظ أنهم جميعًا يحملون الجنسية الأمريكية ويقيمون في الولايات المتحدة، والتي تعد أقوى الدول في العالم حاليًا.
اقرا المزيد: مستخدمو أندرويد يحصلون قريبا على ميزة جديدة فى Gmail لإدارة جهات الاتصال
هذا يجعل لأصحاب تلك الشركات التقنية بطبيعة الحال يد في حركة الاقتصاد العالمي، فكلمة واحدة من شخص مؤثر مثل إيلون ماسك كفيلة لرفع أسهم شركات والتسبب في خسارات فادحة لشركات أخرى! ليس فقط لتأثيرهم وإلهامهم، ولكن أيضًا لإمكانيتهم المادية القوية للغاية. ولعل اختيارنا لإيلون ماسك كان موفقًا لأن لدينا الكثير من الأمثلة التي نستشهد بها حول ذلك، آخرها تويتر وكيف استطاع مالك شركة تيسلا التلاعب به لآخر لحظة.
إذا قارنا القيمة السوقية لشركة آبل بالناتج المحلي الإجمالي للبلدان، فستكون أكبر من 96% من بلدان العالم، بقيمة سوقية تزيد عن 2.1 تريليون دولار، ما يجعلها أعلى من روسيا، إيطاليا والبرازيل. ولا يتفوق عليها سوى 7 دول فقط!
لماذا تهيمن الشركات التقنية على الاقتصاد عمومًا؟
“بات واضحًا وبشكل مرعب أنّ تطور التكنولوجيا قد فاق تطور البشر”
هذه الكلمات للعالم الفيزيائي العبقري “ألبرت أينشتاين”. لقد قفزت التكنولوجيا قفزة واسعة مؤخرًا، خاصة مع حلول أزمة كورونا التي ألزمت الناس منازلهم، فصار الاتجاه نحو الإنترنت، وزادت زيارات المواقع واللجوء إلى التجارة الإلكترونية، واستخدام الإنترنت للعمل والدراسة. لكن لم تتوقف ثورة الهواتف الذكية والحواسيب. أصبح من النادر أن تجد مؤسسة لا تستخدم الحواسيب في عملها اليوم. ما جعل الطلب يتزايد نحو الأدوات التقنية، وهذا يجعلها في مواجهة مع الاقتصاد. لكن، كيف ذلك؟
تعزيز فرص العمل داخل الشركات التقنية
إذا سألت عن سمات الاقتصاد المتزن لأي بلد، ستجد ضمن الإجابات حتمًا انخفاض نسبة البطالة، وهذا ما فعلته صناعة التكنولوجيا. فعند النظر إلى الشركات التقنية الكبرى مثل أمازون أو جوجل أو ميتا أو غيرها، نلاحظ أنّ لها أفرعًا كثيرة في بلاد متعددة، حتى هنا في الشرق الأوسط، توجد فروع بالتأكيد. أغلب الموظفين من أهالي البلاد التي فيها الفروع.
وبما أنّ أساس الصناعات التكنولوجية قابعة في الولايات المتحدة الأمريكية، فلا عجب في تجاوز التوظيف فيها إلى 12 مليون وظيفة عام 2019، أي أنّ وظائف التقنية المتوفرة زادت عن عام 2018 بمقدار 2.6%، وهذا يُقدر بأكثر من 307 آلاف وظيفة جديدة في مجال التكنولوجيا، حيث شهدت 45 ولاية بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا نموًا كبيرًا -نسبيًا- في مجال التكنولوجيا. وشكّل العاملون في صناعة التكنولوجيا نحو 7.7% من إجمالي العاملين في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2019.
وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي
بسبب الإقبال على العمل في التكنولوجيا، أصبح قطاع التكنولوجيا وقتها في المركز الثالث من حيث الهيمنة على القوة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية بعد مجال الصناعة والحكومة. وهذا ليس غريبًا، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع التكنولوجيا بين عامي (2010 – 2019) بنسبة 66%، ما أضاف 745.5 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. وهذا المبلغ يشكل قوة اقتصادية مرعبة!
الاستثمار في الشركات التقنية
تستثمر الكثير من الشركات والمستثمرون عمومًا في التكنولوجيا، كيف لا والأرباح مضمونة وأسعار الأسهم ترتفع باستمرار، بعبارة أخرى، إنها صفقة رابحة، وقد أظهرت العديد من الأبحاث أنّ الشركات التي تقلل استثماراتها في التكنولوجيا تقل أرباحها بمرور الوقت، ما ينعكس عن اقتصاد الشركة العام، ومن ثمّ الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يؤثر فيما بعد على الإنتاجية العامة.
تأثير الاقتصاد التكنولوجي: آبل تحكم
هل سمعت من قبل بمؤشر داو جونز الصناعي “DJIA”؟ حسنًا، لأعرفك عليه، إنه أقدم مؤشر صناعي في العالم، أُنشئ عام 1896، يتتبع أكبر 30 شركة أمريكية في بورصة نيويورك. لكن ما علاقته بموضوعنا؟
لقد امتد تأثير الاقتصاد التكنولوجي إلى مؤشر داو جونز الصناعي وأثر عليه، فمن المعلوم أنّ الشركات الكبيرة مثل: جوجل أو آبل أو مايكروسوفت، لديها قيمة سوقية ضخمة، حيث تخطت القيمة السوقية لشركة آبل مثلًا الـ 3 تريليونات دولار في بداية 2022، رقم مذهل، أليس كذلك؟ حتى إنه يمكن لأي قفزة في أرباحها، تحريك المؤشر! ما يؤكد تأثير الاقتصاد التكنولوجي على السوق، ويمنح الشركات التقنية قوة مذهلة. ويتضح ذلك جليًا فيما يلي..
هل تساءلت من قبل عن كيفية قياس الاقتصاد التكنولوجي؟ ببساطة، يمكن ذلك من خلال مراقبة مقدار إنفاق البشر حول العالم على تكنولوجيا المعلومات، والتي تتضمن: الأجهزة والبرامج والشبكات والخدمات المتنوعة وما إلى ذلك. وفي عام 2016، بلغ حجم هذا الإنفاق نحو 6 تريليونات دولار.. مذهل!
هذا الرقم ميزانية عدة دول مجتمعة مع بعضها، ما جعل الاقتصاد التكنولوجي ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم. وهذا ليس غريبًا، حيث يرتفع الاستثمار في التكنولوجيا حول العالم باستمرار. حتى إنّ الشركات التي تقلل من استثمارها في التكنولوجيا، تخسر على المدى البعيد، ما يؤثر على الناتج المحلي الإجمالي، وتنخفض إنتاجية العمالة. وفي النهاية، يتأثر الاقتصاد العالمي.
اقرا المزيد: كيف تحصل على عينات مجانية من متجر أمازون؟