الإعلانات ما بين الفن والملل ، أصبحت الإعلانات بمختلف أنواعها عاملاً مهما جداًّ من عوامل نجاح الوسائل الإعلامية، بل أصبحت الإعلانات والمُعلنون هم من يتحكمون في تحديد الرسائل الإعلامية وتوجيهها للجمهور؛ فلا يمكن تخيل وسيلة إعلامية ناجحة بدون رعاة، حيث يحتاج العمل الإعلامي لفريق عمل متكامل، ويحتاجون لأجهزة ومعدات وتنقلات وإتصالات مكثفة لدى كافة أطراف المجتمع، وكل هذا لن يتحقق بالشكل الذي يرضي المتلقي إلا من خلال رعاة يُغدقون على تلك الوسائل الإعلامية الكثير من الأموال والدعم والتعاون.
إقرأ المزيد : بلغت خسائر إحداها 500 مليون دولار.. أشهر عمليات الاختراق الرقمي التي كلفت ضحاياها مليارات
أهداف الرُعاة
وكما يهتم المُعلنون بإظهار منتجاتهم، وتحسين صورتها الذهنية لدى الملتقي، أيضاً لهم أهداف أبعد من ذلك؛ فالبعض له طموح في الشهرة الشخصية، من خلال الإعلان عن سلعه، وليس من المفترض عندما نقول سلعاً أو خدمات أنها تكون أشياء اِستهلاكية، فربما نجد إعلانات عن منتجات خدمية، وما أكثرها، وسأتطرق إليها أيضاً، فالرعاة قد يدعمون فكرة معينة يريدوا تجسيدها لدى عامة الناس، ففي أوروبا مثلاً قد يختلفون حول أساليب معينة حول مستقبل ما، مثل مفاوضات إنجلترا مؤخراً مع الاتحاد الأوروبي من أجل الانفصال، فيأتي بعض الرعاة ممن يؤيدون تلك القرارات ويدعمون وسيلة ما لتبني تلك المواقف، بينما يأتي رعاة آخرون يرفضون فكرة الانفصال ويدعمون وسيلة أخرى لتبني وجهة نظرهم، وهكذا.
فنون الإعلانات
لا يختلف أحد أن الإعلانات التليفزيونية لها مفعول السحر، فهي الأسرع انتشاراً، والأكثر فاعلية، وخصوصاً عندما يبدع فريق عمل الإعلان، من مخرجين ومؤلفين ومفكرين وحتى المؤدين للإعلان؛ فيحفر الإعلان لنفسه موقعاً مهماً لدى ذاكرة المتلقي ويظل حاضراً في الأذهان مهما مرت السنين، أيضاً لإعلانات الإذاعة سحرها الخاص، فتستغل عنصر الخيال وتركز على حاسة السمع بشكل كبير.
إعلانات التوعية
تهتم الدول وبعض المؤسسات الكبرى بتوعية الجمهور حول أمر ما، وعندما يبدع الفنان، وكلمة فنان هنا أقصد بها كل من يبدع في مجاله، فعندما يبدع الفنان في تخيل وتنفيذ الإعلان، يجد مفعول السحر، ورغم تقادم السنين كما ذكرت بالفقرة السابقة يظل الإعلان راسخًا في الأذهان؛ فمن بين تلك الإعلانات الخالدة، والتي تهتم بتوعية الناس، أتذكر منها مثلًا في مصر بلدي إعلانات فترة الثمانينيات والتسعينيات وتوعية الناس من خطر البلهارسيا، والجملة الشهيرة التي كان يقولها الفنان الراحل محمد رضا .
فكنا كأطفال في الريف المصري ننفذ تلك التعليمات حرفياًّ، وندير بظهرنا عن الترع بشكل كوميدي، عن ترفيه وليس بشكل جاد طبعًا، ومن بين تلك الإعلانات الراسخة في الأذهان توعية الأطفال الصغار بأهمية المدرسة، وتحذيرهم من خطر التسرب من التعليم، وإعلانات تحفيز الناس للذهاب إلى فصول محو الأمية وتعليم الكبار؛ فما زلتُ أتذكر تلك الأغنية الجميلة …
التوعية لدى الشعوب الأخرى
وكما تهتم بلادنا بالتوعية، تهتم معظم بلاد العالم بتوعية رعاياها؛ فأخبرني زميل في العمل حول الحياة بالولايات المتحدة الأمريكية، وبعض المخاطر التي يجب أن يحذر منها الوافدون الجدد؛ حيث قد يفاجأ المهاجرون الجدد بهجوم مفاجئ من حيوان بري، لذلك تهتم وسائل الإعلام الأمريكية بنشر إعلانات التوعية، لحث الناس على ضرورة غلق نوافذ المنزل جيدًا، حتى لا يتسلل إليهم حيوان خطر.
الحملات الإعلانية
تهتم الشركات الكبرى بتنفيذ حملات إعلانية كبرى عبر كافة وسائل الإعلام سواء مسموعة، أو مقروءة، أو مرئية، أو تفاعلية، أو حتى إعلانات الشوارع واللافتات، وتهدف تلك الحملات بتذكير الناس بالمنتجات، وجعل تلك المنتجات من الضروريات، كما تخصص الشركات مواسم معينة خلال السنة لتكثيف تلك الحملات؛ ففي شهور الصيف تتسابق شركات الأتصالات في حملاتها وعروضها لكسب شريحة كبرى من سوق الاِستهلاك خلال تلك الإجازة السنوية سواء بمصر أو للدول العربية الأخرى، عندما يقضون إجازاتهم في مصر، كما تتسابق شركات الأغذية والمشروبات في كسب تلك الشرائح أيضًا.
الإعلانات الغامضة
وكما أن للإعلانات سحرها، فلطرق عرض الإعلانات أو إذاعتها سحر أيضاً، فتقوم بعض الشركات بتنزيل إعلان مشوق حول خدمة ما، ليتشوق الجمهور ويظل في شغف لمتابعة مغزى تلك الإعلانات، وغالباً يستخدم المعلنون شهر رمضان لعرض مثل هذه الإعلانات، كما يتم عرض سلعة جديدة في السوق بشكل مفاجئ وتعرض بشكل سريع وكأنها إعلانات الصدمة، وكأن لسان حال المعلن يقول “لماذا لا تعرف شيئا عن هذا المنتج؟”
الإعلانات الاِستغلالية
وهنا أتكلم عن مساوئ تلك الإعلانات، حيث تستغل نجماً مشهوراً، ليعرض سلعة معينة، فهي فكرة رائعة في ظاهرها، لكن أيضاً في باطنها فرض نوع معين أو فنّ معين أو نادٍ معين أو جهة معينة دون غيرها، وقد يأتي ذلك بنتائج عكسية، فلو قربت هذا المفهوم، مثلاً يأتي إعلان يحفزنا على تناول القهوة على شط البحر، فماذا يفعل الذين يحبون القهوة، ولا يفضلون البحر؟
إقرأ المزيد : هل ستحل Android Pay محل محفظة جوجل؟