السايبورغ يمنح البشر إمكانيات خارقة.. من شريحة تتحكم بالدماغ إلى سماع الألوان! لا بد أنك شاهدت يوماً فيلماً عن كائن بشري في جسده مكونات إلكترونية وميكانيكية، يستفيد من قدراتها لتعزيز قوته، هذا الكائن يدعى سايبورغ، وهو الشخص الذي يدمج الأجزاء الروبوتية والإلكترونية مع نفسه والأجزاء العضوية في جسده.
اقرا المزيد:تعرف الى الفرق بين محركات الأقراص الصلبة و SSD
شركات تقنية كبرى تبحث اليوم عن سبل لدمج الآلة في الإنسان بهدف تحسين قدراته الجسدية والعقلية. فمثلاً نرى رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك قام بإنشاء شركة متخصصة تسعى من خلال التعديل العصبي إلى دمج الأدمغة مع الحاسوب كي يتطور الناس بسرعة توازي تطور الروبوت ويحموا أنفسهم من مخاطر الذكاء الاصطناعي.
لكن ماذا لو قلت لك إنك بالفعل سايبورغ… نعم أنت سايبورغ… جميعنا سايبورغ. قبل أن نعرف كيف ذلك دعنا في البداية نتحدث لك قليلاً عن السايبورغ.
ما هو السايبورغ Cyborg؟
يُعرّف السايبورغ Cyborg وهي الحروف الأولى من كلمتي cybernetic organism والتي تعني الكائن الحي السيبراني على أنه كائن حي له مكونات بيولوجية وتكنولوجية أي يحتوي على كل من أجزاء الجسم العضوية والميكانيكية الحيوية.
ويرى البعض، أن السايبورغ يوصف على أنه خلق افتراضي أو خيالي. ومع ذلك، بالمعنى التقني، يمكن النظر إلى البشر على أنهم سايبورغ في أنواع مختلفة من المواقف. أي أن الارتباطات الجسدية التي تمتلكها البشرية حتى مع أبسط التقنيات قد تجعلك سايبورغ.
الاختلاف الجوهري بين الروبوت والسايبورغ
الاختلاف الرئيسي بين السايبورغ والروبوت هو وجود الحياة. الروبوت هو في الأساس آلة متطورة للغاية. غالبًا ما تكون آلية وتتطلب القليل جدًا من التفاعل مع البشر. أما السايبورغ هو مزيج من كائن حي وآلة.
المكون الحي هو الاختلاف الجوهري بين السايبورغ والروبوت. هذا يعني أن السايبورغ هو كائن على قيد الحياة بينما الروبوت مجرد آلة الكترونية لا حياة فيها. على الرغم من أن بعض الروبوتات يمكنها محاكاة جوانب معينة من الكائنات الحية كالتحدث والحركة، إلا أنها قادرة فقط على القيام بما تمت برمجتها. بينما يتميز السايبورغ بالإدارة الحرة لأنشطته لأنه في النهاية إنسان.
ومن منظور آخر يختلف الروبوت عن السايبورغ بدرجة التعقيد، يمكن أن تكون الروبوتات معقدة إلى حد ما مثل روبوتات صناعة السيارات. ومع ذلك، هناك أيضًا روبوتات بسيطة جدًا مثل قطة للتسلية. أما السايبورغ فغالباً ما يكون شديد التعقيد، لأنه يتداخل الجزء الآلي الإلكتروني مع الجزء العضوي من أجل العمل بكفاءة..
استخدامات السايبورغ.. قدرات مذهلة بفضل التكنولوجيا
يمكن اعتبار الإنسان الذي لديه جهاز تنظيم ضربات القلب الاصطناعي أو مزيل الرجفان القابل للزرع بمثابة سايبورغ، نظرًا لأن هذه الأجهزة تقيس إمكانات الجهد في الجسم، وتقوم بمعالجة الإشارات، ويمكنها توصيل المحفزات الكهربائية، باستخدام آلية التغذية الراجعة الاصطناعية.
في الطب.. أعضاء جديدة
كان الباحث المتخصص ويليام دوبيل من أوائل العلماء الذين توصلوا إلى تقنية تعمل لاستعادة البصر. وكان التطبيق الأول لهذه التقنية على الملحن نيل هاربيسون وهو أول إنسان لديه عضو آلي أو أول سايبورغ معترف به رسمياً في العالم. وهو رجل ولد مصاباً بعمى الألوان أي بدون القدرة على رؤية الألوان المختلفة، فهو يرى جميع الألوان بدرجات اللون الرمادي فقط، وبعد أن تم تركيب شريحة ذكية في دماغه، أصبح قادراً على سماع الموجات الصوتية الصادرة عن الألوان، وذات الترددات المختلفة حسب اللون ودرجته، وصار يحولها إلى ألحان، بمعنى أنه يستطيع أن يرسم لحناً موسيقياً معيناً، بواسطة الألوان على الورق، وبالطبع لا أحد يستطيع سماع هذا اللحن غيره.
بواسطة هذه التكنولوجيا أصبح “هاربيسون” يسمع جميع الألوان، وليس هذا فحسب بل ويسمع أشعة الشمس، وموجات الراديو المنتشرة في كل مكان، وفوق هذا فهو يحس بأجهزة الإنذار والكشف عن السرقات، ويلتقط إشارات التحكم عن بعد.
في الفضاء.. حماية من التأثيرات السلبية
هناك العديد من تأثيرات رحلات الفضاء على جسم الإنسان. إحدى العوائق الرئيسية لاستكشاف الفضاء هي التعرض للإشعاع. سنويًا يتعرض الإنسان العادي على الأرض لحوالي 0.30 rem من الإشعاع، بينما يتعرض رائد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية لمدة 90 يومًا لـ 9 rem. لمعالجة هذه المشكلة، وضع العالم كلاين وكلين نظرية سايبورغ تحتوي على جهاز استشعار يكتشف مستويات الإشعاع ومضخة ستحقن تلقائيًا الأدوية الوقائية بجرعات مناسبة.
اقرا المزيد:أفضل تطبيقات التسويق وإدارة المشاريع عبر الإنترنت تقدم فوائد لا يمكن الاستغناء عنها
في الرياضة.. رفع قدرات الجسم البشري
في عام 2016، تم الاحتفال بأول أولمبياد سايبورغ في زيورخ سويسرا. كان Cybathlon 2016 أول أولمبياد سايبورغ وأول احتفال عالمي ورسمي لرياضات السايبورغ. في هذا الحدث، استخدم 16 فريقًا من الأشخاص ذوي الإعاقة التطورات التكنولوجية لتحويل أنفسهم إلى رياضيين سايبورغ.
واستخدم المنافسون تقنيات متقدمة وسيطروا عليها مثل الأرجل والأذرع الاصطناعية التي تعمل بالطاقة والهياكل الخارجية الروبوتية والدراجات والكراسي المتحركة الآلية.
نيورالينك الشريحة التي غيرت مفهوم السايبورغ
أعلن إيلون ماسك في 29 أغسطس 2020 عن إطلاق شريحة الكترونية تُزرع في الدماغ، وهي نيورالينك. وأوضح أنه لزرع هذه الشريحة سيقومون بإزالة جزء من الجمجمة ومن ثم يتم شبك هذه الشريحة مع عدة نقاط من دماغك.
صحيح أنك كإنسان تعتبر كتلة من المشاعر والأحاسيس وقد مررت بتجارب وأحداث كثيرة ومختلفة، لكن بالنسبة للدماغ جميع هذه الأحداث والتجارب والذكريات عبارة عن سيالات عصبية فقط.
والسيالات العصبية في علم الأحياء تعني تفاعلات كيميائية بين الخلايا تولّد هذه السيالات. حيث أن دماغك هو عبارة عن شبكة مؤلفة من 86 مليار خلية عصبية والتفاعل بين هذه الخلايا يحدث من خلال التبادل الكيميائي بين المشابك التي توصل الخلايا العصبية مع بعضها البعض.
وهنا يأتي دور نيورالينك حيث ستكون هذه الشريحة قريبة جداً من الخلايا العصبية ومشبوكة معها، وهكذا تصبح الشريحة قادرة على قراءة الإشارات العصبية التي ينتجها دماغك أو جزء منه قراءة مباشرة.
لكن كما ذكرنا سابقاً أن الشريحة تحتاج إلى نزع جزء من الجمجمة حتى نتمكن من تركيبها، ومن الصور التي نشرها موقع نيورالينك أظهرت أن المكان الذي ستنزرع فيه هذه الشريحة سمك الجمجمة فيه تقريباً حوالي 5.8 ملم. هذا يعني أن العملية دقيقة للغاية. وهنا أمر ماسك فريق نيورالينك بصنع روبوتات متخصصة لزرع الشريحة داخل الجمجمة، نظراً إلى أن الروبوتات أكثر دقة من البشر ونسب الخطأ لديها ضئيلة.
يقول ماسك إن هذه الشريحة ستجعل دماغك يستخدم عدد خلايا عصبية أكثر، وبالتالي يستطيع دماغك حل مشاكل عصبية مثل ضعف الذاكرة أو فقدان البصر أو حتى الشعور بالقلق.
وبما أن الدماغ يترجم كل هذه الإشارات على أنها سيالات عصبية، فيمكننا بطريقة ما تطوير قدرة الشريحة لتعطينا إشارات عصبية معقدة ومدروسة حسب الطلب. فإذا تم تطبيق هذه الفكرة مستقبلاً فسيصبح دماغك قادر على تعلم اللغة الصينية مثلاً خلال ثواني من خلال نقلها إلى الشريحة وبالتالي ستتمكن الشريحة من نقل هذه المعلومات من خلال الإشارات المعقدة التي ذكرناها سابقاً إلى الشبكة العصبية.
لكن، عندما ستتمكن الشريحة في المستقبل من إعطائنا معرفة لحظية، كيف ستكون التجربة؟
وهنا سنكون أمام خيارين، إما أن تعطينا الشريحة المعرفة فقط وإما أن تعطينا المعرفة والمهارة أيضاً. فمثلاً لنفرض أنك طلبت من الشريحة تحميل اللغة الصينية، فهل سيتم تخزين هذه اللغة في شبكتك العصبية كمعلومات جديدة ودماغك سيستخرجها للمرة الأولى، لأن هذه تعتبر مشكلة لأنك ستتلعثم كثيراً في الكلام، كأنك تقرأ الترجمة من جوجل، ولكن بدلاً من استخدام يديك استخدمت دماغك.
فهل ستتمكن الشريحة من إعطائي المعرفة باللغة الصينية فقط؟ أم إنها ستجعلني أتحدث اللغة الصينية بطلاقة ودماغي لن يبذل أي جهد واعي فيها؟
إيلون ماسك ونيوراليك لا يجيبون عن هذا السؤال. إلى الآن لا نعلم كيف ستكون تجربة وجود كومبيوتر خارق في دماغك.
لكننا نعلم كيف نكون سايبورغ، لأننا أساساً تحولنا لسايبورغ… نعم سايبورغ.
اقرا المزيد:الذكاء الاصطناعي ومستقبل الرعاية الصحية