اعلنت وزارة العدل الأمريكية عن تفاصيل لوائح الاتهام الأخيرة المتعلقة بالتجسس الإلكتروني، ومحاولات إدانة أعضاء وحدات التجسس السيبرانية الأجنبية.
وهذا الأمر لم تفعله أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة حتى الآن، حيث تحدث مسؤول كبير في الوزارة عن وجهة نظرها أثناء حضوره مؤتمر الأمن الإلكتروني سايبرنيكست (CyberNext)، الذي عقد في العاصمة الأمريكية واشنطن مؤخراً.
وتأتي هذه التصريحات بعد أن تعرض نظام العدالة الأمريكي لانتقادات شديدة بسبب تصرفات وزارة العدل الأمريكية.
وكان أعضاء وحدات القرصنة المدعومين من الحكومات يوجدون حتى الآن خارج مجال الملاحقة الجنائية، حيث يحصلون على نفس الحماية التي يتمتع بها ضباط المخابرات والمقاتلون العسكريون.
وأثار العديد من الخبراء القانونيين هذه المسألة بالقول إن هؤلاء “المتسللين” لم يرتكبوا أي جرائم لأنهم تصرفوا بناء على أوامر وردت من رؤسائهم التنفيذيين فيما يتعلق بعمليات جمع المعلومات الاستخبارية، بحسب ما ذكرت “البوابة العربية” للأخبار التقنية.
واتجهت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة إلى كسر هذه القاعدة غير المكتوبة بين الدول ذات القدرات السيبرانية، حيث جاءت أول لائحة اتهام في عام 2014 عندما وجهت الولايات المتحدة اتهاماً لخمسة متسللين صينيين من أعضاء الوحدة “Unit 61398” التابعة للإدارة الثالثة لجيش التحرير الشعبي الصيني (PLA)، فيما يتعلق باختراق عدد كبير من الوكالات الحكومية الأمريكية والشركات الخاصة.
ووجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات لثلاثة قراصنة صينيين آخرين في عام 2017، تحت مزاعم اختراق شركات أمريكية نيابة عن الدولة الصينية تحت غطاء (Boyusec)، وهي شركة صينية للأمن الإلكتروني، ثم اتهمت الولايات المتحدة في شهر مارس 2018 9 قراصنة إيرانيين يعملون لدى معهد مابنا (Mabna Institute)، وادعت وزارة الدفاع أنهم يخترقون نيابة عن الحرس الثوري الإيراني.
وجاءت لائحة الاتهام التالية في شهر يوليو عام 2018، عندما اتهمت الولايات المتحدة 12 متسللاً روسياً باختراق اللجنة الوطنية الديمقراطية (DNC)، وتضمنت لائحة الاتهام تهماً ضد أعضاء الوحدة “Unit 26165” التابعة لمديرية المخابرات الروسية الرئيسية (GRU)، دائرة الاستخبارات الأجنبية في البلاد.
ووجهت وزارة العدل في الشهر الماضي اتهامات لمواطن كوري شمالي، بمزاعم أنه يعمل مع مجموعة القرصنة الشهيرة لازاروس (Lazarus)، وأنه شارك في عدد كبير من الاختراقات، بما في ذلك اختراق شركة سوني (Sony Pictures) عام 2014، وهجمات طلب الفدية (Wanna Cry Ransomware) في عام 2017.
كما وجهت الولايات المتحدة قبل عدة أيام اتهامات لسبعة ضباط آخرين من وحدة (GRU) فيما يتعلق باختراق الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA) ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW).
وقال آدم هيكي، نائب مساعد المدعي العام في شعبة الأمن القومي في وزارة العدل: “هناك من يشكك في نهج التحقيق الجنائي واتهام المتسللين الذين ترعاهم دول أجنبية، وغالباً لأننا لم نوقف المتهمين بعد”.
وأضاف هيكي: “من السهل على الأرجح أن ننسى أنه حتى وقت قريب نسبياً لم تكن مثل هذه الاتهامات مسموعة، وذلك لأننا نظرنا إلى مشكله القرصنة التي ترعاها الدول الأجنبية من خلال عدسة جمع المعلومات الاستخبارية وحدها، دون النظر إلى التشويش والردع، والتي هي أهدافنا في مواجهه الإرهاب والتجسس وغيرها من التهديدات الأمنية الوطنية الصعبة”.
وتابع المسؤول حديثه: “تخيل عالماً لا توجد فيه اتهامات جنائية، ولا ادعاءات مفصلة ورسمية بارتكاب مخالفات، ممَّا يعني أننا نترك القطاع الخاص وحده لاتهام المذنبين دون حصوله على مساعدة، وفي هذه الحالة ما هي الرسالة التي نرسلها إلى القراصنة الأجانب؟”، ويجادل المسؤول بأن هؤلاء المخترقين والمتسللين المتهمين قد عبروا الحدود، وتحولت مهمتهم من جمع المعلومات الاستخبارية إلى الأنشطة الإجرامية.
واستهدف المخترقون الإيرانيون المرتبطون بمعهد مابنا على سبيل المثال أكثر من 140 جامعة أمريكية وسرقوا أبحاثاً ذات ملكية فكرية، وسرعان ما باعوها عبر الإنترنت من خلال بوابات تديرها جهات خاصة، لم يكن لها أي علاقة بالعمليات المتصلة بالتجسس الإلكتروني.
كما ثبت منذ فترة طويلة أن هناك متسللين صينيين يعملون على جمع المعلومات بشكل يتماشى مع المصالح السياسية الصينية، في حين يقوم آخرون بسرقة معلومات ذات ملكية فكرية خاصة بالشركات الأمريكية، والتي تجد طريقها في وقت لاحق إلى أيدي الشركات الصينية المنافسة.