عمالقة التكنولوجيا يمكنهم الفوز في مجال الرعاية الصحية
تتمتع شركات التكنولوجيا العملاقة بفرصة أفضل من أجل النجاح ضمن مجال الرعاية الصحية من خلال اللعب على نقاط قوتها ولأنهم يلتزمون بما يعرفونه، حيث يعتبر مجال الرعاية الصحية معقد بشكل كبير، إلى جانب كونه سوق ضخم مليء بالفرص القابلة للاستثمار، وهذا يجعل من الصعب على شركات التكنولوجيا الكبرى أن تتجاهله، حيث حققت كل من آبل وأمازون وألفابت ومايكروسوفت في السنوات الخمس الماضية خطوات كبيرة في هذا القطاع.
ويتضح ذلك بشكل جلي من خلال سلسلة التعيينات الأخيرة، مثل تعيين خبراء بارزين في مجال الرعاية الصحية ضمن مبادرة مايكروسوفت المسماة Healthcare NExT والمعتمدة على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، والإعلان عن منتجات جديدة، وعمليات الاستحواذ التي تقوم بها الشركات مثل قيام شركة أمازون بالاستحواذ على الصيدلية الالكترونية PillPack في صفقة بلغت قيمتها مليار دولار.
وقد لخص تيم كوك Tim Cook، الرئيس التنفيذي لشركة آبل موقف شركات التكنولوجيا الكبيرة في مجال الرعاية الصحية في مقابلة حديثة عندما سئل حول ما إذا كان تركيز الشركة على الصحة ناتجًا عن الإيثار أو الرأسمالية أو كليهما، وكان جوابه “نحن مهتمون للغاية بهذا المجال، ونعم إنها فرصة للعمل، حيث أن النشاط الصحي الطبي هو أكبر أو ثاني أكبر مكون في الاقتصاد، وذلك اعتمادًا على أي بلد في العالم تتعامل معه”.
وحاولت شركات التكنولوجيا مثل آي بي إم IBM ومايكروسوفت وألفابت، الشركة الأم لجوجل، إصلاح الرعاية الصحية من قبل وفشلت، وكما يشير ديف تشيس Dave Chase، المستثمر في مجال الصحة والمتواجد في سياتل فإن بعض هذه الجهود مثل Google Health، وهي عبارة عن خدمة مركزية للمعلومات الصحية الشخصية قدمتها جوجل في عام 2008 وتوقفت عن العمل في عام 2011، قد فشلت في النهوض والإقلاع، وذلك بالرغم من استثمار ملايين الدولارات في المواهب والموارد.
ويقول ديف تشيس يبدو أن هذه الشركات تتعلم من أخطائها، فبدلاً من الذهاب إلى مجال واسع، يركز الخبراء التنفيذيون التقنيون على زوايا السوق حيث يمكنهم القيام بعمل جيد، ويضيف: “من الخطأ التفكير في سوق الرعاية الصحية على أنها سوق تتضمن ملايين الدولارات، بل إنها سوق تتضمن مليارات الدولارات فعليًا وتتطلب نهجًا محددًا للتعامل معها”.
وتلعب شركات التكنولوجيا في هذه الأيام دورًا أكبر من قدرتها، ويبدو ذلك جليًا من خلال إلقاء نظرة على شركة ألفابت، إذ بدلًا من أن تقوم بذلك بمفردها، فإن شركة الأبحاث Verily Life Sciences، وهي مؤسسة أبحاث تابعة لشركة ألفابت مكرسة لدراسة علوم الحياة، تعقد شراكة مع شركات الرعاية الصحية من أجل العمل على مجموعة واسعة من مشاريع البحث والتطوير.
كما تستفيد مؤسسة الأبحاث التابعة لشركة ألفابت من خبرات الشركات، بما في ذلك جونسون آند جونسون Johnson & Johnson وسانوفي Sanofi في مجالات مثل التنظيم، بينما تركز ألفابت على الهندسة والتصميم وتطوير المنتجات، وبشكل مماثل، فإن Google Brain، وهو فريق أبحاث ذكاء اصطناعي متخصص في التعلم العميق، تستخدم خبرتها في التعلم الآلي لتحليل وتجميع البيانات الطبية نيابة عن المستشفيات الكبيرة، بدلاً من محاولة إنشاء منتج مستهلك مثل Google Health.
ونجحت مجموعة آبل الصحية من خلال الاعتماد على خبرتها في التصميم وثقة المستهلك، حيث تساعد ساعة آبل الذكية Apple Watch المستهلكين في المحافظة على صحتهم من خلال جعلهم يضبطون ويراعون أهداف التمارين المنتظمة، حيث عملت الشركة على توفيرها للناس مع طريقة يمكن من خلالها استخدام هواتف آيفون الذكية لجمع وتخزين السجلات الطبية الخاصة بالمستخدمين.
وتعتبر السجلات الطبية بمثابة نوع من أنواع المعلومات الحساسة بالنسبة للمستخدمين، والتي تركيز عليها آبل من خلال سياساتها لخصوصية المستهلك وعدم اهتمامها بالإعلانات المستهدفة، كما تعمل آبل على توفير رعاية أولية أفضل لموظفيها من خلال مجموعة مستقلة تسمى AC Wellness، وتبتعد الشركة عن أي شيء يخضع لتنظيمات وتشريعات صارمة مثل الأجهزة الطبية أو مبيعات الأدوية، حيث لا تتمتع بتجربة كبيرة في هذه المجالات، وأوضح كوك في المقابلات الصحفية أنه لا يريد أن تصبح ساعة آبل الذكية منتجًا طبيًا خاضعًا للمنظمين.
وربما تكون أمازون أكثر الشركات التقنية الكبرى تماشيًا مع ما تعرفه، بما في ذلك سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية وتجربة العملاء، وكانت الشركة قد خطت أولى خطواتها في مجال الرعاية الصحية خلال العام الماضي، وذلك مع بيعها اللوازم والمعدات الطبية من خلال السوق التنافسية Amazon Business التي تخدم احتياجات الشراء بالنسبة للشركات من كل الأحجام، بالإضافة إلى توفيرها الخدمات السحابية للعملاء الصحيين من خلال AWS، وخلال شهر يونيو/حزيران استحوذت على منصة PillPack، والتي تعطيها طريقة مختصرة لبيع الأدوية إلى أعضاء برنامج Amazon Prime.