تستعد اللجنة التشريعية للاتحاد الأوروبي خلال يوم 20 يونيو/حزيران للتصويت على تشريع جديد مقترح لضمان حقوق المؤلف الأوروبي يسمى المادة Article 13 يمكنه تغيير الإنترنت الحر والمفتوح كما نعرفه، بحيث أن هذا القانون من شأنه أن يؤدي إلى فرض رقابة كاملة على المواد القانونية، وفي حال تمريره فإن قانون Article 13 يعني أن منصات الإنترنت الكبيرة مثل فيسبوك وجوجل وتويتر سوف تحتاج إلى إدخال مرشحات تعمل بشكل تلقائي على التقاط المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر الذي تم تحميله بواسطة مستخدمي المنصة.
وقد يؤدي هذا القانون، الذي يعني الرقابة التلقائية على أي شيء تحدده الخوارزميات على أنه انتهاك لحقوق النشر، إلى اضطرار شركات التكنولوجيا لفحص كل منشور وكل شيء يتم نشره على المنصات، وإزالة أي شيء يعتقدون أنه قد سرق، وحذر المشاركون في الحملة المناهضة لهذا القانون من أن أحد أكبر المتضررين من هذا التشريع المقترح سيكون الصور الهزلية المضحكة عبر الإنترنت، والتي غالبًا ما تستخدم الصور التي تخضع لحقوق النشر.
وكتبت شخصيات بارزة من صناعة التكنولوجيا رسالة مفتوحة إلى رئيس البرلمان الأوروبي يحذرون فيها من أن Article 13 يمثل تهديدا وشيكًا لمستقبل الإنترنت، حيث حذرت الرسالة المفتوحة من أن القانون Article 13 يتخذ خطوة غير مسبوقة نحو تحويل الإنترنت من منصة مفتوحة للمشاركة والابتكار إلى أداة للمراقبة والتحكم الآلي لمستخدميها.
وكانت النقاشات تركز حتى الآن على النتائج المقصودة للقانون، بما في ذلك فكرة أنه يجب التضحية بقدر معين من حرية التعبير والمنافسة لتمكين أصحاب الحقوق من إلزام جوجل وفيسبوك وغيرهم على مشاركة الأرباح، لكن العواقب غير المقصودة هي أكثر أهمية، إذ يسمح القانون للمواقع الإخبارية أن تقرر من الذي يمكنه الارتباط بها، وهذا يعني أن بإمكانها استبعاد منتقديها.
كما أن هناك نواحي أكثر خطورة تتمثل بإمكانية حدوث هجمات موجهة خلال الأزمات، بحيث يمكن للمتلاعبين في سوق الأوراق المالية استخدام روبوتات الدردشة الكتابية للمطالبة بحقوق المؤلف على الأخبار المتعلقة بشركة ما، مما يؤدي إلى منع مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن للفاعلين السياسيين منع المقالات الرئيسية خلال الاستفتاءات أو الانتخابات.
وقالت الرسالة: “نحن ندعم النظر في التدابير التي من شأنها تحسين قدرة المبدعين في الحصول على مكافأة عادلة لاستخدام أعمالهم عبر الإنترنت، ولكن لا يمكننا دعم Article 13 من أجل مستقبل الإنترنت، نحن نحثك على التصويت لصالح حذف هذا الاقتراح”، بحيث أن مثل هذه الرقابة الصارمة على مقاطع الفيديو الإخبارية والحملات الانتخابية سوف تضر بحرية التعبير.
كما أن الموقعين على الرسالة، بما في ذلك مخترع شبكة الويب العالمية تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee، ومؤسس ويكيميديا جيمي ويلز Jimmy Wales، وديفيد كاي David Kaye المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير لدى الأمم المتحدة، شككوا أيضًا في قانونية القانون المقترح بقولهم أنه قد يتعارض مع الميثاق الأوروبي للحقوق الأساسية.
وقال كاي في رسالة مؤلفة من تسع صفحات نشرت على الإنترنت إنه قلق للغاية من أن Article 13 سوف تؤدي إلى فرض رقابة ونظام مراقبة نشط، في حين صرح جيم كيلوك Jim Killock، المدير التنفيذي لمجموعة الحقوق المفتوحة في المملكة المتحدة Open Rights Group أن القانون الجديد سوف يوفر نظامًا روبوتيًا لحماية حقوق المؤلف الأمر الذي من شأنه أن يخلط أي صورة أو نص أو صورة هزلية مضحكة أو فيديو يبدو أنه يتضمن مواد محمية بحقوق الطبع والنشر.
وتصوت اللجنة التشريعية الأولى على الشكل النهائي للمقترح يوم غدًا الأربعاء، على أن يتم إحالة الصيغة التي يصوتون من خلالها إلى الجلسة العامة البرلمانية، وهو ما دفع حملة Save Your Internet إلى حث مستخدمي الإنترنت الأوروبيين على الاتصال بأعضاء البرلمان الأوروبي قبل التصويت الحاسم في 20 يونيو/حزيران، بحيث تتضمن الحملة أدوات لتسهيل التواصل معهم عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف أو منصات التواصل الإجتماعي.
ويهدف التشريع في المقام الأول إلى منع البث المباشر للموسيقى المقرصنة والفيديو، إلا أن نطاق التشريع يغطي جميع المواد المحمية بحقوق النشر وأي مواد محمية، بما في ذلك الصور والصوت والفيديو والبرامج المجمعة والتعليمات البرمجية والكلمات المكتوبة.
ويوضح اختصاصي التشفير والأخصائي في مجال الأمن وأحد الموقعين على الرسالة بروس شناير Bruce Schneier أن المادة 13 تحول منصات التواصل الإجتماعي وشركات الإنترنت الأخرى إلى شرطة لحقوق النشر، مما يجبرها على تنفيذ بنية تحتية للرصد عبر خدماتها بالكامل، كما يمكن إعادة تصميم هذه البنية التحتية بسهولة من قبل الحكومة والشركات وترسيخ المراقبة الشاملة في نسيج الإنترنت.
تجدر الإشارة إلى أن المطالبة زورًا بحقوق المؤلف ستكون سهلة، بحيث يتطلب إزالة ادعاء كاذب بحقوق النشر أن تتم مراجعته من قبل موظف لدى شركات الإنترنت، وينقب عن حقيقة ملكية العمل، ويعدل قاعدة البيانات لملايين الأعمال في وقت واحد، بينما يمكن لروبوتات الدردشة الكتابية تلويث قواعد بيانات حقوق الطبع والنشر بشكل أسرع من قدرة البشر على إزالتها.