مع إعلان شركة iRobot دخولها تحت مظلة الحماية من الإفلاس وفق الفصل 11، طُويت صفحة واحدة من أبرز قصص الريادة في عالم الروبوتات الاستهلاكية بالولايات المتحدة. الشركة التي اشتهرت بمكنسة Roomba الذكية، وباعت أكثر من 50 مليون جهاز منذ إطلاقها عام 2002، صمدت لعقود أمام أزمات تقنية ومالية متلاحقة، قبل أن تتعثر — بحسب مؤسسها كولين أنغل — بسبب معارضة تنظيمية كان من الممكن تفاديها.
الضربة القاضية جاءت في يناير 2024، عندما قررت أمازون إلغاء صفقة الاستحواذ على iRobot بقيمة 1.7 مليار دولار، بعد تحقيقات مطوّلة استمرت 18 شهرًا من قبل لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية والجهات التنظيمية الأوروبية. أنغل وصف هذه التجربة بأنها من أكثر المراحل إحباطًا في مسيرته، ليس فقط على مستوى الشركة، بل على مستوى الرسائل التي تُرسل إلى رواد الأعمال وسوق الابتكار ككل.
اعتراضات تنظيمية “في غير محلها”
يرى أنغل أن الجهات التنظيمية أساءت تقدير الصفقة، موضحًا أن الهدف من اندماج iRobot مع أمازون كان تعزيز الابتكار وتوسيع خيارات المستهلك في سوق يشهد منافسة متزايدة. ففي أوروبا، لم تتجاوز حصة iRobot السوقية 12% وكانت في تراجع مستمر، بينما ظهر منافسون جدد خلال سنوات قليلة، ما يعكس — وفق وصفه — سوقًا ديناميكية بعيدة عن الاحتكار. أما في الولايات المتحدة، فرغم الحصة الأكبر، كانت المنافسة تتصاعد والأسعار تتعرض لضغط متزايد.
وبدل تحقيق سريع يستغرق أسابيع، تحولت العملية إلى فترة انتظار طويلة أنهكت الشركة وأثرت في قدرتها على التشغيل، لتنتهي في النهاية بإفشال الصفقة بالكامل.
18 شهرًا من الاستنزاف
خلال تلك الفترة، أنفقت iRobot وأمازون مبالغ ضخمة على الفرق القانونية والاقتصادية، وتم إعداد وتسليم عشرات الآلاف من الوثائق، مع نشاط يومي مكثف استمر لعام ونصف. ويشير أنغل إلى أن هذه التجربة كشفت — من وجهة نظره — عقلية تنظيمية تحتفي بإيقاف صفقات الاستحواذ أكثر من تقييم أثرها الفعلي على الابتكار والمستهلك.
رسالة سلبية لرواد الأعمال
يحذّر مؤسس iRobot من أن هذه السابقة تخلق أثرًا مُثبطًا على رواد الأعمال والمستثمرين، إذ تجعل مسارات الخروج عبر الاستحواذ أكثر غموضًا ومخاطرة. هذا القلق — كما يقول — ينعكس مباشرة على قرارات التمويل، وتقييم الشركات الناشئة، وحتى على عدد المشاريع الجديدة التي يتم إطلاقها.
رحلة طويلة قبل “رومبا”
تأسست iRobot في مختبر جامعي بدافع الإيمان بأن الروبوتات يجب أن تكون جزءًا من الحياة اليومية. قبل دخول المنازل، شاركت الشركة في مشاريع فضائية مع “ناسا”، وطوّرت روبوتات استخدمت في تفكيك المتفجرات وإنقاذ الأرواح في مناطق النزاع، وساهمت في احتواء كارثة فوكوشيما النووية عبر روبوتات كانت الأولى التي دخلت المفاعلات المتضررة.
أما Roomba، فلم يرَ النور إلا بعد 12 عامًا من التأسيس، وبموارد محدودة وتجارب أولية متواضعة. نجاحه لم يكن مخططًا له بالكامل، بل جاء مدفوعًا بتغطية إعلامية واسعة ولحظات غير متوقعة، قبل أن يتحول إلى منتج أيقوني في ملايين المنازل حول العالم.
رهانات تقنية وتحديات السوق
يدافع أنغل عن تمسك iRobot بالملاحة المعتمدة على الرؤية بدل تقنيات الليدار، معتبرًا أن الرؤية الحاسوبية أكثر قدرة على فهم البيئة المنزلية على المدى الطويل. لكنه يعترف بأن المنافسة الصينية، خاصة من حيث السعر وسرعة التطوير، فرضت ضغوطًا كبيرة، وأن بعض اختيارات الشركة — مثل التأخر في طرح روبوتات تجمع بين الكنس والمسح — لم تتماشى مع تفضيلات المستهلكين.
باحثون يطوّرون روبوتًا مستوحى من حركة الكلاب بكتف مرن يحسّن التوازن والكفاءة
