يد بيونيكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُعيد الإمساك الطبيعي وتخفف العبء الذهني عن مبتوري الأطراف

كشفت دراسة علمية حديثة أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مستشعرات متقدمة للقرب والضغط يمكّن الأيدي البيونيكية التجارية من الإمساك بالأشياء بطريقة أقرب ما تكون إلى السلوك الطبيعي والبديهي لليد البشرية، وهو ما يساهم في تقليل العبء الذهني الذي يعانيه مبتورو الأطراف عند استخدام الأطراف الاصطناعية.

 

وأوضحت الدراسة أن تدريب شبكة عصبية اصطناعية على أنماط الإمساك المختلفة أتاح لكل إصبع القدرة على التعرّف على الأجسام المحيطة به بشكل مستقل، والتحرّك تلقائيًا إلى الوضع الأمثل للإمساك بها. وأسهم هذا النهج في تعزيز ثبات القبضة ودقتها، مع تقليل الحاجة إلى تدخل واعٍ من المستخدم.

 

وبيّنت النتائج أن المشاركين استطاعوا إنجاز مهام يومية متعددة، مثل رفع الأكواب والتقاط الأجسام الصغيرة، بسلاسة أكبر وبجهد ذهني أقل بكثير، ودون الحاجة إلى فترات تدريب طويلة أو ممارسة مكثفة.

 

تفاصيل الدراسة

 

في الحياة اليومية، لا يفكّر الإنسان في موضع كل إصبع على حدة عند الإمساك بكوب أو قلم أو حتى عند مصافحة الآخرين؛ إذ تعمل اليد البشرية بشكل تلقائي اعتمادًا على إشارات حسية ونماذج عصبية مكتسبة منذ الطفولة. غير أن فقدان هذه القدرة الفطرية يُعد من أبرز التحديات التي تواجه مستخدمي الأذرع والأيدي الاصطناعية، حيث تتطلب معظم الأطراف البيونيكية الحالية تحكمًا واعيًا ومجهدًا لفتح الأصابع وإغلاقها حول الجسم المستهدف.

 

ولمعالجة هذا القصور، طوّر باحثون من جامعة يوتا حلًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي، تمثّل في دمج مستشعرات للقرب والضغط داخل يد بيونيكية تجارية، ثم تدريب شبكة عصبية اصطناعية على أوضاع إمساك متعددة. وقد مكّن هذا النظام اليد الاصطناعية من محاكاة آلية الإمساك الطبيعية لدى الإنسان، ما انعكس في تحسن واضح بثبات القبضة ودقتها، وانخفاض كبير في الجهد الذهني المبذول من قبل المستخدم.

 

وشملت الدراسة مجموعة من المهام اليومية المتنوعة، مثل التقاط أجسام صغيرة ورفع أكواب بأشكال ومواد مختلفة، باستخدام أنماط إمساك متعددة، دون الحاجة إلى تدريب طويل الأمد.

 

قاد الدراسة الدكتور Jacob A. George بمشاركة الباحث Marshall Trout من مختبر Utah NeuroRobotics Lab، ونُشرت نتائجها في مجلة Nature Communications بتاريخ 9 ديسمبر 2025.

 

وقال مارشال تراوت: «على الرغم من أن الأذرع البيونيكية أصبحت أكثر واقعية من حيث التصميم، فإن التحكم فيها لا يزال معقدًا وغير بديهي». وأضاف: «نحو نصف مستخدمي الأطراف الاصطناعية يتخلّون عنها في نهاية المطاف، وغالبًا ما يعود ذلك إلى ضعف أنظمة التحكم».

 

وأشار الباحثون إلى أن معظم الأيدي البيونيكية التجارية تعاني مشكلتين أساسيتين: الأولى تتمثل في غياب حاسة اللمس القادرة على تزويد المستخدم بإشارات فورية وبديهية، والثانية تتعلق بعدم قدرة هذه الأيدي على محاكاة النماذج العصبية اللاواعية التي يستخدمها الدماغ للتنبؤ بتفاعل اليد الطبيعية مع الأجسام.

 

ولمعالجة المشكلة الأولى، زوّد فريق البحث يدًا اصطناعية من إنتاج شركة TASKA Prosthetics بأطراف أصابع مخصصة تحتوي على مستشعرات ضغط، إضافة إلى مستشعرات بصرية متقدمة للقرب تحاكي أدق درجات اللمس. وقد مكّن ذلك الأصابع من استشعار أجسام خفيفة للغاية، مثل كرة قطنية، قبل ملامستها فعليًا.

 

أما المشكلة الثانية، فتم التعامل معها عبر تدريب نموذج شبكة عصبية على بيانات القرب، ما أتاح لكل إصبع التحرك تلقائيًا إلى المسافة المثلى لتكوين قبضة مناسبة. وبفضل استقلالية المستشعرات في كل إصبع، تعمل الأصابع بالتوازي لتشكيل قبضة ثابتة ومتكيفة مع مختلف الأجسام.

 

ومع ذلك، واجه الباحثون تحديًا إضافيًا يتعلق بمرونة التحكم؛ إذ قد يرغب المستخدم أحيانًا في الإمساك بالجسم بطريقة مختلفة عمّا تقترحه المستشعرات، أو في فتح اليد لإسقاطه. وللتغلب على ذلك، طوّر الفريق نهجًا يعتمد على تقاسم التحكم بين المستخدم ونظام الذكاء الاصطناعي، بما يحقق توازنًا دقيقًا بين إرادة الإنسان واستجابة الآلة.

 

وشملت التجارب أربعة مشاركين يعانون بترًا في الذراع أسفل المرفق. وأظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في أدائهم ضمن الاختبارات القياسية، فضلًا عن قدرتهم على تنفيذ أنشطة يومية تتطلب تحكمًا حركيًا دقيقًا. فحتى مهام بسيطة، مثل الشرب من كوب بلاستيكي، والتي قد تكون شديدة الصعوبة لمبتوري الأطراف بسبب حساسية الضغط، أصبحت أكثر سهولة وأمانًا باستخدام النظام الجديد.

روبوت “هادريان” الأسترالي يغيّر مستقبل البناء: منازل تُشيَّد خلال يومين فقط

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك
Exit mobile version