في وقت تبحث فيه المدن العالمية عن حلول مبتكرة لتحديات الازدحام المروري، اختارت دبي ألا تكتفي بالتخطيط بل الانتقال سريعًا إلى التطبيق العملي. فبالتزامن مع انطلاق معرض دبي للطيران 2025 غدًا، أعلنت هيئة الطرق والمواصلات، بالتعاون مع شركة Joby Aviation، عن تنفيذ أول رحلة مأهولة للتاكسي الجوي الكهربائي للإقلاع والهبوط العمودي (eVTOL) بين موقعين مختلفين داخل الإمارة.
هذا الإنجاز يرسّخ مكانة دبي كأول مدينة على مستوى العالم تُحوّل مفهوم التنقل الجوي المتقدم إلى واقع مُشغَّل بالفعل، ويؤكد جاهزيتها لإطلاق الخدمة التجارية في عام 2026، مع خفض زمن الرحلات داخل المدينة من 45 دقيقة إلى 10 دقائق فقط.
رحلة تاريخية تفتح فصلًا جديدًا في النقل الحضري
انطلقت الرحلة من موقع اختبارات شركة “جوبي” في مرغم باتجاه مطار آل مكتوم الدولي، لتقطع المسافة في 17 دقيقة فقط. وتمثل هذه التجربة أول رحلة مأهولة تنفذها الشركة داخل الإمارات بين نقطتين مختلفتين، ما يعكس جاهزية المركبة للعمل في المجال الجوي المشترك والتزامها بالمعايير التنظيمية والبيئية كافة.
ويتزامن ذلك مع تقدّم في بناء البنية التحتية الداعمة؛ إذ أعلنت هيئة الطرق والمواصلات عن إنجاز 60% من أعمال أول محطة للإقلاع والهبوط العمودي قرب مطار دبي الدولي (DXB)، والتي تنفذها شركة Skyports Infrastructure البريطانية بطاقة استيعابية تصل إلى 42 ألف عملية هبوط سنويًا لخدمة نحو 170 ألف راكب.
تمتد المحطة على مساحة 3100 متر مربع، وتضم طابقين لمواقف السيارات ومدرجين للإقلاع والهبوط، فيما تعمل الهيئة على إنشاء ثلاثة مهابط إضافية بالتعاون مع إعمار العقارية، وأتلانتس ذا رويال، ومجموعة وصل، لبناء شبكة متعددة النقاط لخدمة منظومة النقل الجوي الحضري.
“جوبي S4”.. تصميم ثوري لمستقبل النقل
تعتمد الخدمة على الطائرة الكهربائية Joby S4، المصممة للإقلاع والهبوط العمودي دون الحاجة إلى مدارج، ما يجعل استخدامها مثاليًا داخل المدن. وتعمل الطائرة بطاقة كهربائية نظيفة بالكامل، وتتميز بكفاءة عالية وأداء متطور بفضل 6 مراوح و4 بطاريات متقدمة، مما يمنحها مدى طيران يصل إلى 160 كيلومتر وسرعة قصوى تبلغ 320 كيلومترًا في الساعة.
وتتسع الطائرة لطيار وأربعة ركاب، وتتميز بانخفاض مستوى الضوضاء إلى 45 ديسيبل فقط – أقل من صوت المطر – ما يوفر تجربة سفر هادئة ومستدامة.
تأثيرات إستراتيجية.. نحو منظومة نقل ذكية ومتنوعة
يمثل هذا الإنجاز خطوة مفصلية في مسيرة دبي لتصبح مركزًا عالميًا للتنقل الذكي، وانعكاسًا مباشرًا لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تعزيز جاهزية الإمارة للمستقبل، وتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بتسريع تبني الابتكار لخدمة جودة الحياة.
وتشمل الآثار المتوقعة للمشروع:
منظومة نقل متكاملة فائقة السرعة:
ينسجم التاكسي الجوي مع شبكة النقل العام في دبي، مثل المترو ووسائل النقل الفردي، لتوفير خيارات تنقّل سريعة تقلّص زمن الرحلات بشكل كبير، حيث من المتوقع أن تستغرق الرحلة من مطار دبي الدولي إلى نخلة جميرا 10 دقائق فقط.
تعزيز الاستدامة:
التشغيل الكهربائي الكامل يجعل الخدمة خالية من الانبعاثات، ومتوافقة مع أهداف دبي والإمارات في مكافحة التغير المناخي.
أثر اقتصادي واسع:
يعزز المشروع ثقة الشركات العالمية في بيئة دبي التنظيمية، ويحفز الاستثمارات في تقنيات الطيران الكهربائي والبطاريات، إضافة إلى توفير فرص وظيفية جديدة في مجالات الهندسة والتشغيل والبحث والتطوير.
الاستعداد للتشغيل التجاري في 2026
أكّدت هيئة الطرق والمواصلات أنها تتقدم بخطى ثابتة نحو التشغيل التجاري للتاكسي الجوي في عام 2026. وتشمل المرحلة المقبلة توسيع نطاق الاختبارات والتكامل مع مختلف الجهات الحكومية لضمان أعلى مستويات السلامة والكفاءة، مما يمهّد لتحويل التنقل الجوي الحضري إلى جزء أساسي من الحياة اليومية في دبي.
