
في ظل التحول الرقمي الشامل الذي تشهده المملكة العربية السعودية، لم تعد منظومة الحج تقتصر على الخدمات الميدانية والتنظيمية، بل أصبحت بيئة ذكية متكاملة تُدار بأنظمة رقمية متقدمة تتطلب أعلى معايير الحماية. ومن هذا المنطلق، تشارك الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في النسخة الخامسة من مؤتمر ومعرض الحج 2025 الذي يُقام في جدة تحت شعار “من مكة إلى العالم”، لاستعراض أحدث جهودها في برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم الحج.
يُعد هذا البرنامج إحدى المبادرات الإستراتيجية التي تهدف إلى رفع الجاهزية السيبرانية للأنظمة والخدمات الرقمية الداعمة لموسم الحج، وضمان حماية البيانات والمعلومات الحساسة التي تديرها الجهات الوطنية. كما يسعى البرنامج إلى تطوير القدرات الوطنية في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز الوعي الأمني الرقمي لدى العاملين في منظومة الحج وضيوف الرحمن، بما يعزز ثقة العالم في القدرات الرقمية السعودية.
ويعكس إدماج الأمن السيبراني في منظومة خدمات الحج التزام المملكة بتسخير كافة إمكاناتها التقنية والبشرية لتقديم تجربة حج آمنة وموثوقة، انسجامًا مع شعار المؤتمر “من مكة إلى العالم”.
أربعة مسارات لحماية موسم الحج
يستند برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم الحج إلى أربعة مسارات تنفيذية مترابطة تهدف إلى بناء منظومة حماية رقمية شاملة، تشمل:
1. التقييمات السيبرانية الفنية:
يُعد هذا المسار خطوة استباقية لضمان سلامة البنية التحتية الرقمية، من خلال تنفيذ تقييمات فنية دورية للمنصات والأنظمة التقنية المستخدمة في خدمة الحجاج، بهدف الكشف المبكر عن الثغرات الأمنية ومعالجتها قبل الموسم وأثناءه، لضمان جاهزية الأنظمة واستمرارية عملها بكفاءة عالية.
2. الرصد والاستجابة للتهديدات السيبرانية:
يمثل هذا المسار المحور العملي في منظومة الحماية، ويشمل:
غرفة عمليات سيبرانية تعمل على مدار الساعة لرصد وتحليل التهديدات المحتملة.
مشاركة فورية للمعلومات والتحذيرات بين الجهات الوطنية لتعزيز الدفاع المشترك.
فرق متخصصة للاستجابة السريعة لأي حادث سيبراني لضمان استمرارية الخدمات وتقليل الأضرار.
3. رفع كفاءة القدرات السيبرانية:
يركز هذا المسار على تطوير الكوادر الوطنية عبر تنفيذ تمارين محاكاة واقعية للهجمات السيبرانية، بهدف رفع كفاءة المختصين وتمكينهم من التعامل مع أحدث أساليب التهديدات الرقمية.
4. تعزيز الوعي بالأمن السيبراني:
انطلاقًا من مبدأ أن الأمن السيبراني مسؤولية جماعية، يهدف هذا المسار إلى تحويل الوعي الأمني إلى ثقافة يومية، من خلال تنظيم جلسات توعوية ومعارض تفاعلية للحجاج، وتوزيع مواد تثقيفية في مراكز الخدمات ومرافق الضيافة لتعريفهم بطرق حماية بياناتهم ومعلوماتهم الشخصية.
حماية الحجاج.. مسؤولية وطنية مشتركة
يجسد هذا البرنامج نموذجًا رائدًا لتكامل الجهود الوطنية من أجل موسم حج رقمي آمن ومستدام، إذ لم يعد الأمن السيبراني مجرد جانب تقني، بل أصبح ركيزة أساسية في نجاح تجربة الحج الذكية التي تعتمد على أنظمة رقمية متقدمة في مجالات التصاريح والنقل والإرشاد وإدارة الحشود.
وبفضل هذه الجهود، تُرسخ المملكة مكانتها كقوة عالمية في إدارة الحشود الرقمية وحماية البنى التحتية الذكية، مقدمة نموذجًا عالميًا يجمع بين الابتكار التقني والأمان السيبراني لخدمة أكثر من مليوني حاج سنويًا.