
تستعد شركة تسلا للبدء بتشغيل خدمتها المنتظرة للسيارات ذاتية القيادة المعروفة باسم “الروبوتاكسي”، وذلك عبر نشر نحو 10 مركبات من طراز Model Y في مدينة أوستن بولاية تكساس، ضمن نطاق جغرافي محدود وتحت إشراف بشري صارم.
وكان الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك قد أكد سابقًا أن المشروع يتم التعامل معه بأقصى درجات الحذر، مشيرًا إلى أن مراقبين بشريين سيتولون الإشراف على الأسطول عن بُعد، للتدخل عند الضرورة.
تعتمد هذه الآلية على ما يُعرف في قطاع المركبات الذاتية القيادة بتقنية “التحكم عن بعد” أو Teleoperation، والتي تُستخدم بالفعل لدى العديد من الشركات الناشئة في هذا المجال، حيث تتيح للبشر التدخل عند الحاجة عبر شبكة لاسلكية. وتُستخدم التقنية لتدريب السيارات على اتخاذ قرارات مستقلة، مع مراقبة أدائها الفعلي والتدخل البشري عند مواجهة مواقف غير مألوفة أو صعبة الفهم بالنسبة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.
شركات كبرى مثل Waymo التابعة لـ”ألفابت” تعتمد على فرق متخصصة تُعرف باسم “مستجيبي الأسطول” للتدخل عند الحاجة، فيما تطبق شركة بايدو الصينية من خلال علامتها “Apollo Go” نموذجًا يعتمد على سائقين احتياطيين يمكنهم قيادة المركبات فعليًا عن بُعد، رغم امتناع الشركة عن التصريح رسميًا بهذا الخصوص.
لكن التقنية تواجه تحديات كبيرة، أهمها الاعتماد على الشبكات الخلوية التي قد تتعرض لانقطاعات أو تأخير في الإشارة، ما يشكل خطرًا بالغًا في اللحظات الحرجة. وأوضح فيليب كوبمان، أستاذ الهندسة بجامعة كارنيجي ميلون وخبير سلامة المركبات، أن التقنية “بطبيعتها غير موثوقة”، وأن فقدان الاتصال سيكون حتميًا عند التوسع.
حتى الرئيس التنفيذي السابق لـWaymo أعرب عن تحفظه تجاه القيادة عن بعد، معتبرًا أن التأخير في الاتصال يجعلها مخاطرة كبيرة. وفي المقابل، يرى كوبمان أن الاعتماد الكامل على قرارات الذكاء الاصطناعي دون رقابة بشرية لا يقل خطورة.
ومن المخاوف الأخرى، مدى قدرة المراقبين البشريين على التعامل مع عدد كبير من المركبات في وقت واحد، نظرًا للقيود التقنية والمعرفية التي تحدّ من كفاءة الإشراف الجماعي.
هذه الهواجس دفعت عددًا من النواب الديمقراطيين في تكساس للمطالبة بتأجيل إطلاق الخدمة حتى سبتمبر المقبل، بالتزامن مع دخول قانون جديد حيّز التنفيذ ينظم عمل المركبات الذاتية في الولاية. واعتبر النواب في رسالة رسمية إلى تسلا أن التأجيل يخدم السلامة العامة ويسهم في تعزيز الثقة المجتمعية.
ورغم أن ماسك لطالما وعد بتحويل برنامج القيادة الذاتية المتقدمة (Full Self-Driving Supervised) إلى نظام مستقل تمامًا، فقد أوضح في مايو الماضي أن الخدمة المدفوعة في أوستن ستقتصر على مناطق آمنة، وستتجنب التقاطعات المعقدة، مع الحفاظ على العنصر البشري كمراقب.
ولا تزال تفاصيل دور المراقبين البشر غير واضحة، لكن تقارير داخلية أشارت إلى خطط لتعيين مشغلين عن بُعد لديهم القدرة على تولي التحكم الكامل عند الضرورة، مثل توقف السيارة في منطقة مكتظة بالمشاة وعدم قدرتها على اتخاذ قرار سليم.
وقد بدأت تسلا بالفعل بنشر إعلانات توظيف لمشغلين عن بُعد يتمتعون بمهارات في التحكم بالمركبات والروبوتات عن بعد، إضافة إلى القدرة على تنفيذ مهام دقيقة باستخدام أدوات قيادة افتراضية.