“DeepSeek” الصينية تشعل المنافسة بقدرات متقدمة وتكلفة منخفضة

أثار نموذج “R1″، الذي طوّرته شركة “DeepSeek” الصينية الناشئة، ضجة كبيرة في وادي السيليكون في الأيام الأخيرة، حيث يتميز بقدرات متقدمة وتكاليف تطوير منخفضة، مما دفع بعض الخبراء إلى الحديث عن حدوث انقلاب وشيك في مجال الذكاء الاصطناعي.

 

تحول في تطوير الذكاء الاصطناعي

 

أُطلق نموذج “R1” في وقت يشهد فيه قطاع الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في طريقة تطوير النماذج. بدلًا من التركيز على بناء نماذج ضخمة تتطلب موارد حوسبة هائلة، بدأت الشركات في التوجه نحو تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي التي تركز على التفكير والاستنتاج. هذا التحول، الذي أتاح الفرصة لشركات ناشئة مثل “DeepSeek” لتفوق الشركات الكبرى، يعكس نموذجا جديدًا من الابتكار يركز على الكفاءة والتكلفة.

 

ويقول علي قدسي، الرئيس التنفيذي لشركة “Databricks”، المتخصصة في بناء واستضافة نماذج الذكاء الاصطناعي، إن هذا التحول يعدّ خطوة نحو تعزيز قدرات الاستنتاج في الذكاء الاصطناعي، ما يجعل الوصول إلى هذه التكنولوجيا أكثر ديمقراطية ويوفر فرصًا أكبر للمنافسة حتى مع الموارد المحدودة.

 

تأثير “DeepSeek” في الصناعة

 

لقد جذبت “DeepSeek” اهتمامًا واسعًا في الأيام الأخيرة بعد أن أطلق المطورون والمختصون في الذكاء الاصطناعي نماذجها الجديدة، وقاموا بمشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. نتيجة لذلك، تراجعت أسهم بعض الشركات الأمريكية الكبرى مثل “إنفيديا”، حيث بدأ المستثمرون يتساءلون عن التكاليف الضخمة التي يتم ضخها في تطوير الذكاء الاصطناعي.

 

وبينما ذكرت شركة “OpenAI” سابقًا أن تكلفة تطوير بعض من نماذجها قد تجاوزت 100 مليون دولار، أكدت “DeepSeek” في ورقة بحثية أنها تمكنت من تطوير نموذج “DeepSeek-V3” بتكلفة بلغت 5.6 مليون دولار فقط، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بما تنفقه الشركات المنافسة.

 

هذه الكفاءة في استخدام الموارد أثارت تساؤلات حول نموذج العمل التقليدي في صناعة الذكاء الاصطناعي، وأجبرت الشركات الكبرى على إعادة النظر في استراتيجياتها وتقليل تكاليفها.

 

مخاوف من اعتماد الشركات على نموذج صيني

 

على الرغم من الفوائد المحتملة لتقنيات “DeepSeek” في تقليل النفقات على الذكاء الاصطناعي، فإن هناك بعض المخاوف من الاعتماد على نموذج صيني في التعامل مع البيانات الحساسة، وهو ما قد يؤثر على شركات كثيرة في الغرب. وفي هذا السياق، أعلنت بعض الشركات الكبرى مثل “Perplexity” عن استخدامها لنموذج “DeepSeek” مع التأكيد على استضافة النموذج بعيدًا عن الصين لتجنب هذه المخاوف.

 

التقنيات التي طورتها “DeepSeek”

 

تعتمد نماذج “DeepSeek” على تقنيات استنتاج متقدمة، مشابهة لتلك التي تطبقها الشركات الكبرى مثل “OpenAI” و”جوجل”. تستخدم الشركة أساليب مثل تقسيم المشكلات إلى أجزاء أصغر لمعالجتها بفعالية، وهو ما يتطلب تدريبًا مكثفًا لضمان حصول الذكاء الاصطناعي على الإجابات الصحيحة.

 

ويشمل أحد الأساليب التي تتبعها “DeepSeek” تقنية “التقطير” (Distillation)، التي تتيح تدريب نموذج أصغر باستخدام نواتج نموذج لغوي أكبر. وتُعتبر هذه التقنية فعّالة من حيث التكلفة وسهلة التطبيق.

 

الرقاقات وتقنيات “DeepSeek”

 

إن مسألة استخدام “DeepSeek” للرقاقات المتقدمة تثير أيضًا الكثير من الجدل، خاصة بعد القيود التجارية الأمريكية التي فرضت على الصين. ومع ذلك، أفادت “DeepSeek” أنها تستخدم رقاقات مثل “Nvidia A100” لتدريب نماذجها، وهي رقاقات كانت قد وضعت تحت قيود التصدير الأمريكية.

 

مستقبل الذكاء الاصطناعي

 

ظهور “DeepSeek” يشير إلى أن المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي ستشهد تحولات كبيرة في المستقبل القريب. من المرجح أن تشهد صناعة الذكاء الاصطناعي تغييرات جوهرية في طريقة تطوير النماذج واستخدامها، مما سيفتح المجال أمام المزيد من الابتكار والشركات الناشئة للتميز في هذا المجال.

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى