التحول الرقمي في الرعاية الصحية

التحديات التي تواجه نظام الرعاية الصحية لدينا عديدة ومن الواضح أنه يجب اعتماد نهج قائم على التحول الرقمي لتقديم خدمات رعاية صحية عادلة ومنصفة لمواجهة العدد المتزايد من السكان. انتهى

قام السيد طارق شهوان بكتابة هذا المقال حول التّحوّل الرّقميّ في الرّعاية الصّحيّة– أدى انتشار الأوبئة وما يترتب على ذلك من زيادة في نسبة المرضى في المستشفيات ونقص الكادر الطبي الكافي وزيادة التكلفة، إلى إجهاد أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. وهذا يشير إلى حاجتنا لإعادة التفكير في طريقة تقديم خدمات الرعاية الصحية كما شاهدنا أثناء الظروف التي عاشها العالم خلال وباء COVID-19 في أوائل هذا العقد.

ويبدو أن إحدى الطرق التي يمكن من خلالها توفير رعاية صحية عالية الجودة لسكان العالم المتزايدين هي اعتماد تقنيات وخدمات التحول الرقمي لتحسين تشخيص الأمراض، ودعم مهن الرعاية الصحية لتقديم خدمات صحية عالية الجودة، وتوحيد وتبسيط الأنظمة والعمليات، وتمكين المرضى من خلال توفير رعاية صحية متميزة تسمح لهم بتولي قراراتهم الصحية.

يتوقع المستهلكون الآن أن تصبح الخدمات الصحية التي يتلقونها على مستوى الخدمات الذكية الأخرى القائمة على البيانات التي اعتادوا على تلقّيها عن طريق الإنترنت، مثل الخدمات الصحية المخصصة. وثمة طفرة تقنية جديدة في مجال الرعاية الصحية بفضل مجموعة من التطبيقات الذكية المستحدثة والأجهزة الذكية القابلة للارتداء التي توفر خدمات صحية مخصصة، ومزيدًا من بيانات الرعاية الصحية الضخمة.

وقد بدأ هذا بالفعل من خلال العديد من أجهزة الرعاية الصحية القائمة على إنترنت الأشياء والتي توفر قدرات متابعة استباقية لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد. وتسمح الأجهزة الصحية القابلة للارتداء بجمع بيانات المريض بشكل مباشر، والتي عند مطابقتها مع التاريخ الصحي للمريض، وبعض البيانات الأخرى، مما يتيح لمقدمي الرعاية الصحية تقديم مشورة مخصصة للغاية وتفيد المرضى بدلاً من تقديم إرشادات عامة.

ومن الخدمات التي توفرها هذه الأجهزة:

التذكير بمواعيد الأدوية.
توصيل المرضى بالعيادات؛ لمتابعة حالتهم المرضية بطريقة أكثر فعالية.
السماح للمهنيين الصحيين عن بُعد بتأسيس أنظمة صحية وبرامج لياقة بدنية مصممة خصيصًا؛ بناءً على البيانات التي يتم تلقيها.
توفير نهج أكثر شمولاً وتخصيصًا للرعاية الصحية التي يجب اتباعها.
توفير منصّة يمكن من خلالها تقديم نظام فعّال للخدمات الصحية التكميلية.

وقد تتسم سبل تواصل المريض مع نظام الرعاية الصحية بالبيروقراطية وغالبًا ما تفتقد اللمسة الإنسانية، حيث كان يتوجب على المرضى القيام بالكثير من الأعمال الورقية، وتكرار شكواهم لمهنيي الرعاية الصحية المختلفين والخضوع عمومًا لتجربة خالية من الإنسانية التي يجب أن تتسم بها عملية الرعاية الصحية.

كما تعد أماكن الرعاية الصحية بيئات معقدة تتكون من شبكة من النظم المتخصصة التي تتفاعل مع بعضها البعض، وغالبًا ما تُفقَد شكوى المرضى بين فجوات هذه النظم. تقوم أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية بالقضاء على هذه المعضلات حيث توفر بيانات المريض بشكل مركزي لتكون متاحة لمقدمي الرعاية الصحية والمتخصصين الذين قد يقابلهم المريض، مما يوضح وضع المريض الصحي ويعزز من النتائج الإيجابية للخدمة المقدمة له.

ويُعدّ التركيز على المستهلك نتيجة رئيسة في عملية التحول الرقمي الصحي. ويتحقق ذلك من خلال ما يلي:

حلول برمجية للتطبيب عن بعد.
خدمات تقديم الوصفات الطبية عبر الإنترنت.
خدمات رعاية الصحة العقلية عبر الإنترنت.
المتابعة الصحية عن بُعد.
تصاريح اللقاحات الافتراضية.
أدوات التمكين أخرى حسب الحاجة، خاصة بالنسبة لغير القادرين على الحركة أو التعامل مع الخدمات الصحية التقليدية بسبب المرض أو الحجر الصحي.
توفير دمج تقنية المنزل الذكي مع الخدمات الطبية.
إنشاء خدمات صحية جديدة ومبتكرة، مع البلوكشين وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي.
توفير مزيج يمكن بناء أنظمة الرعاية الصحية الذكية عليه.

وهكذا يمكن خدمة جمهور أوسع بكثير وهو أمر ضروري في وقت تكون فيه الموارد الصحية محدودة. ولكن تواجه السلطات صعوبة في تقديم الخدمات الصحية الأساسية؛ نتيجة للضغط، ويمكن حل تلك المشكلة من خلال التوسع في تنفيذ التحول الرقمي بطريقة منظمة ورسمية تسمح للمهنيين الصحيين باتخاذ قرارات أكثر استنارة، ومن خلال تشخيص أفضل في بيئة معززة بالتكنولوجيا، مع عمليات منظمة بشكل جيد، وفعالة، وتؤدي في النهاية إلى نتائج أفضل للمرضى.

والطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها إضفاء الطّابع الديمقراطي على عمليات الرعاية الصحية هي عن طريق وضع استراتيجيات صحية ذكية في دولنا تديرها الجهات العليا وتُطبَّق عبر نظام الرعاية الصحية بأكمله. ويجب تواجد فريق مناسب متعدد التخصصات، ويستوعب التفاصيل الدقيقة في العملية والتكنولوجيا المستخدمة في الرعاية الصحية على المستويات الفنية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، من أجل تطوير إستراتيجية تحول رقمي شاملة.

كما يجب على مقدمي الرعاية الصحية بناء إستراتيجيات صحية رقمية، والاستثمار في البنية التحتية اللازمة التي تسهل جمع البيانات وتبادلها، وإدخال سياسات تضع المريض في المقام الأول، ووضع ضوابط؛ لإتاحة البيانات لمن يحتاجون إليها فقط.

وأخيرًا.. إن التحديات التي تواجه نظام الرعاية الصحية لدينا عديدة ومن الواضح أنه يجب اعتماد نهج قائم على التحول الرقمي لتقديم خدمات رعاية صحية عادلة ومنصفة لمواجهة العدد المتزايد من السكان. انتهى

السيد طارق شهوان هو خبير متخصص ومستشار تنفيذي يتمتع بمسيرة مهنية متميزة تمتد لأكثر من 28 عامًا. يحظى طارق بخبرته في التحول الرقمي وإدارة المشاريع في القطاعين العام والخاص.  كما يحمل طارق ماجستير في الهندسة الكهربائية من الولايات المتحدة الأمريكية وعمل كمهندس كهربائي لفترة طويلة في صناعة أشباه الموصلات في وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية

 

التحول الرقمي في التعليم

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى