قام السيد طارق شهوان بكتابة هذا المقال حول التحول الرقمي في ميدان التعليم– التّحوّل الرّقميّ في التّعليم منذ ما يقارب القرن من الزمان، استمرت أساليب التعليم في المؤسسات التعليمية المختلفة وعلى جميع المستويات في جميع أنحاء العالم دون أي تغيير ملحوظ … بالرغم من التقدم الهائل الذي أحرزته الإنسانية خلال هذه الحقبة من الزمن، وحتى مع التقدم التقني الملموس خلال أخر ثلاثة عقود، استمرت الأساليب التقليدية في الهيمنة .. وذلك باستخدام ممارسات من الطراز القديم التي ترتكز على التعليم من خلال التلقين وليس التعلم، وتفتقر الى وجود العملية التفاعلية بشكل كبير وانعدام في الاستفادة من التقنيات المبتكرة. وعلى مدار العقد الأخير تجنبت العديد من المدارس اعتماد تقنيات التحول الرقمي الحديثة خوفا من التغيير الذي قد يؤدي في نظرهم إلى خلق اضطراب في العملية التعليمية لينتج عنه أثار “سلبية” قد تخرجهم من منطقة الراحة وتهدد قدرتهم على احتواء العملية التدريسية. وقد بدأ قطاع التعليم مؤخرا في إدراك أهمية التحول الرقمي في التعليم وذلك عن طريق الفوائد التي أظهرتها تقنيات التّحوّل الرّقميّ خلال وباء COVID-19 الذي أطاح بالعالم في أول هذا العقد؛ إذ حثهم على النظر في طرق للابتكار وتغيير طرق التعليم.. فلم يكن هناك مفر من التغيير، كما اتّضحت الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للتحول الرقمي العائدة على قطاع التعليم وحياة الطلاب والمعلمين على حد سواء. ولقد مكّن التحول الرقمي في قطاع التعليم العديد من المدارس والجامعات من تزويد الطلاب بتجربة فائقة، مع منحهم فرصًا أكبر للانخراط في العملية التعليميّة، وتوفير تعليم أكثر تخصّصيّة وعالي الجودة. كما أدّت عمليات التحول الرقمي إلى مشاركة أعلى عبر منصات تعلم رقمية تفاعلية وإنشاء أساليب مصمّمة خصيصًا للمتلقين.
ولتطبيق التحول الرقمي في المدارس آثار بعيدة المدى، منها:
1. تمكين المؤسسات التعليمية من تطبيق ممارسات تعليمية أكثر دقة وتخصّصية.
2. توفير العديد من الأدوات المتطورة للتعلم.
3. المشاركة الفعالة.
4. تمكّن المدارس من الامتثال إلى أعلى معايير الأمان والجودة.
علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر تقنيات التحول الرقمي في التعليم بشكل إيجابي على ما يلي:
1. النظام البيئي للمدارس، من البنية التحتية التكنولوجية إلى المباني والفصول الدراسية الذكية.
2. تعزيز الأمن.
3. التخطيط الذكي للخدمات. •
خطوات تقنيات التحول الرقمي في مجال التعليم: الخطوة الأولى في رحلة التحول الرقمي هي استخدام الأجهزة الرقمية (أي أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية). وذلك لتسهيل عملية التعلم والتواصل الرقمي من خلال منصات تعليمية ذكية وتفاعلية. ومن أهم عوامل نجاح تلك الأجهزة إتاحتها لاتصال إنترنت عالي السرعة عبر تقنيات 5G والألياف الضوئية المتقدمة. يعدّ “الصّف الدّراسيّ الرّقميّ” هو المحرك الرّئيس لرحلة التّحوّل الرقمي التّعلميّ.
وستمكّن شاشات العرض التفاعلية الذكية المعلمين من تقديم محتوى رقمي للطالب المستقبلي. ويمكن أن تساعد منصات وتطبيقات التعلم الرقمي الطلاب على التعلم بشكل أسرع وأفضل.
• ماذا تقدم المنصات الرقمية التعليمية؟
1. محتوى رقميًّا تفاعليًّا متعلقًا بالمنهج الدراسي.
2. فصولًا افتراضية تحاكي الفصول الدراسية العادية.
3. تواصلا مع المعلمين بسهولة أكبر.
4. رقمنة للكتب المدرسية؛ لتعزيز تجربة التعلم.
5. إشراكًا لجميع أطراف العملية التعليمية بشكل أكثر تفاعلية.
6. دعم متطلبات التوثيق.
7. برامج تحويل النص إلى كلام والتعرف على الصوت واتصالات الفيديو الذكية وبرامج الإملاء مما يسهل على الطلاب، ويحقق أقصى استفادة من فصولهم الدراسية.
• ماهي مهمات تقنيات الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي التعليمي:
1. تخلص المعلمين من المهام المكتبية مثل العمل الإداري والإجابة على الأسئلة والاستفسارات والمهام الإدارية الأخرى.
2. أتمتة العمليات الروبوتية، وتستخدم الروبوتات البرمجية لأتمتة العديد من المهام العادية دون أي تدخل من المستخدم.
3. إضافة أي تعديلات في العملية التعليمية، مثل تحسين الاستماع والتركيز لدى الطالب، والقدرة على تحديث المنهج تلقائيًا وبسرعة.
4. كسر الحواجز في مستويات الصفوف التقليدية المختلفة.
5. التعلم المخصّص.
6. إنشاء المحتوى الذكي، وروبوتات الدردشة. •
ماذا يلزم المدارس للتحول الرقمي التعلمي؟
1. إنشاء بنية تحتية رقمية، بما في ذلك الأجهزة وشبكات الكمبيوتر وأجهزة إدارة قواعد البيانات والخوادم ومراكز البيانات وبوابات المؤسسات والأنظمة والبرامج والسحابة الرقمية ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها.
2. الاستفادة من خدمات البرامج والأجهزة المستندة إلى السحابة من خلال سحابة عامة أو خاصة أو مختلطة عبر خدمات الحوسبة المختلفة، مثل البنية التحتية كخدمة، أو النظام الأساسي كخدمة ،أو البرمجيات كخدمة، أو غيرهم.
ولن تقتصر المدارس بعد الآن على الموارد المحلية الموجودة في الحرم المدرسي. ولقد أدى ظهور الميتافيرس، خاصة فيما يخص اعتماد تقنيات الواقع الافتراضي/ المعزز/ المختلط، إلى تداخله في مجال التعليم بوتيرة سريعة. ومن الحكمة أن تبدأ المدارس في البحث والاستثمار في مثل هذه التقنيات مما سيؤدي إلى تعزيز قدرات المعلم وإنشاء دروس تفاعلية وممتعة في الوقت نفسه وجذابة للطالب.
ويمكن أن يؤدي الجمع بين استخدام الأجهزة اللوحية الذكية وتطبيقات الواقع المختلط و”محطات التعلم الذكية” إلى تشجيع الطلاب على دراسة العلوم بشكل أكثر فعالية مقارنة بالوسائل التعليمية التقليدية. إن تضمين برامج التوعية بالأمن السيبراني واعتماد حلول الأمن السيبراني في المدارس سيمكن الطلاب من اعتماد سلوكيات آمنة في استخدام الإنترنت، والمساعدة في حماية الأنظمة ونشر تقنيات منع القرصنة. وتعد الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في مناهج التدريس أسلوبًا تعليميًا قويًا. ثم تم اعتماد التعلم عن طريق الألعاب باستخدام الأجهزة الرقمية.. بدءًا من مرحلة رياض الأطفال، مما يعزز مشاركة الطلاب ويطوّر استيعابهم للمواد و/ أو المفاهيم بشكل دائم.. على عكس الاختبارات التقليدية التي تتطلب عمومًا تقديم الإجابات قبل حساب الدرجات، وتقدم هذه الألعاب تقييمًا فوريًّا للأداء، وبالتالي تقلل من فترة انتظار نتائج التقييم، وتساهم في تحفيز مشاركة الطالب لفترات أطول.
كما بدأت العديد من المدارس اليوم في التركيز على توفير مساحات تعليمية تعاونية للطلاب.
وتُعِد هذه المساحات الطلاب لحياة الشركات “الواقعية”؛ بمحاكاة المكاتب المفتوحة، الموجودة اليوم في معظم شركات Fortune 500، حيث يتم تشجيع التعاون والعمل الجماعي.
• وماذا يمكن أن يؤدي دمج تقنيات إنترنت الأشياء في البيئة المدرسية؟
1. تمكين حلول أتمتة المباني الذكية.
2. توفير أمانًا إضافيًا.
3. إمكانية وصول أكبر للمعلومات.
وعلى سبيل المثال، يمكن تحسين الكاميرات الذكية التي تعمل كمشرف تقني، من خلال تقنيات إنترنت الأشياء وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتوفير تجربة مدرسية ذكية متكاملة ذات طبيعة تنبؤية. • ماهي العلاقة بين علم تحليل
البيانات والتحول الرقمي التعلمي: تعتمد تقنيات تحليل البيانات في التحول الرقمي التعلمي على نطاق واسع على استخدام كمية كبيرة من البيانات، أو البيانات الضخمة، لمساعدة المعلمين في تحديد اتجاهات وفجوات معينة، وبالتالي تطوير إستراتيجيات تعلّم مخصّصة؛ لتحسين تقديم المحتوى.. وتعد تحليلات البيانات جزءًا كبيرًا من علوم البيانات، وهي واحدة من أكثر المجالات الواعدة في مجال التحول الرقمي اليوم. ومن الضروري أن تدرك بأن التكنولوجيا بحد ذاتها لا يمكنها تحقيق التحول الرقمي المدرسي بشكل كامل من دون وضع إستراتيجيات وسياسات مخصّصة؛ من أجل ضمان التخطيط السليم والتنفيذ والاستدامة.
ما هي التوصيات الرئيسة لمساعدة المدارس في رحلة التحول الرقمي؟
1. صياغة سياسات واضحة ضمن التشريعات أو الاتفاقيات الدولية التي تضمن حق الفئات المستهدفة في مجال التعلم المعتمد على التكنولوجيا.
2. تحقيق مبدأ المساواة في التمكين التكنولوجي للدول العربية من قبل المنظمات والمجتمعات الدولية كجزء من فرص المنح والتمويل التي توفرها.
3. إنشاء إطار لتقييم المؤسسات الأكاديمية من خلال تقييم تكامل التعليم مع التكنولوجيا، والتي ستكون نواتجها تطوير معايير الاعتماد للمؤسسات الأكاديمية، مثل عدد الأكاديميين و/ أو تقنيات التحول الرقمي المطلوبة لكل مائة طالب.
4. المراجعة المستمرة للتشريعات والمناهج لضمان إدخال تطبيقات التحول الرقمي والتفكير النقدي بشكل مستمر لتعزيز
هذه التشريعات.
• ما هي معايير ضمان جودة التحول الرقمي التّعلّمي:
1. توفير نظام التعلم عن بعد، حيث توفر المدرسة برامج تعليمية وتدريبية على أجهزة الكمبيوتر لتوجيه الطلاب المستهدفين من مواقعهم والدمج التدريجي لتقنيات التعلم الإلكتروني مع التعلم التقليدي لإعداد المتعلمين.
2. إنشاء محتوى رقمي تفاعلي.
3. تقديم البرامج التدريبية المتعلقة بمهارات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تحديد الاحتياجات التدريبية، وإعداد الدورات التدريبية، وتقييم المدرب والمتدرب.
4. توفير الوصول الرقمي إلى مجموعة متنوعة من الموضوعات التي تلبي احتياجات فئات معينة من الطلاب وفقًا لأعمارهم وقدراتهم.
5. دعم السياسات التي تشجع على استخدام الألعاب الرقمية والتفاعلية لتعزيز مشاركة الطلاب.
6. التدريب كجزء من العملية التعليمية في المدارس حتى نُدعِّم شبابنا بالمهارات الرقمية بطريقة تضمن استيعابهم لهذه المهارات بالإضافة إلى التعليم الأكاديمي..
ويجب أن تكون الجهود المبذولة مغطاة بشهادات معتمدة تعزز المسار المهني والأكاديمي.
7. منح المعلم مكانة المستشار الفني/ الموجّه؛ للتخلص من التلقين في التعليم مع ضمان ربط الابتكار بالعمليات التعليمية والتركيز على تعزيز مهارات البحث بطريقة تضمن اعتماد طرق الارشاد التكنولوجية بدلاً من التعليم التقليدي.
وفي النهاية يجب فرض تعلم البرمجة والحلول الرقمية كجزء أساسي من المراحل الأولى من التعليم تشمله عمليات تقييم نتائج كل مرحلة تعليمية، وأن يكون هناك معيارًا لتقييم الأكاديميين والمعلمين في ذات الوقت. في نهاية المطاف يجب أن يكون الهدف من التعليم هو الابتكار وليس مجرد تلقي المعلومات وحفظها.
السيد طارق شهوان هو خبير متخصص ومستشار تنفيذي يتمتع بمسيرة مهنية متميزة تمتد لأكثر من 28 عامًا. يحظى طارق بخبرته في التحول الرقمي وإدارة المشاريع في القطاعين العام والخاص. كما يحمل طارق ماجستير في الهندسة الكهربائية من الولايات المتحدة الأمريكية وعمل كمهندس كهربائي لفترة طويلة في صناعة أشباه الموصلات في وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية
التحول الرقمي في قطر: رحلة نحو مستقبل مبتكر ومتطور