خلال يوم واحد فقط، تعرضت سيارة جوفيفر نيل، للسرقة مرتين، الأولى من أمام منزلها في شيكاغو والثانية كانت خارج محل الميكانيكي، حيث نقلتها هناك لإصلاحها. لكن محنة نيل لم تنته عند هذا الحد مع سيارتها كيا موتورز من طراز أوبتما.
فعقب شهر من استردادها لسيارتها، أوقفت الشرطة نيل مرتين وهي تعود إلى منزلها قادمة من مقر العمل؛ لأن هناك خطأ تسبب في بقاء السيارة مسجلة لدى السلطات على أنها مسروقة.
وأدى الخطأ ذاته إلى إيقاظ الضباط لها في يوم من الأيام عند الساعة الثالثة صباحا، وفي مناسبة أخرى، أوقفها عدد من رجال الشرطة بينما كانت مسافرة إلى مسيسيبي، وكبلوا يديها ووضعوها في مركبة الشرطة تنتظر لأكثر من ساعة.
والآن، باتت نيل لا تخرج بالسيارة بعد أن أبقتها في المرآب. وقالت: “لقد مرت بضعة أشهر، لكنني بصراحة ما زلت متوترة”.
وتمثل قصة نيل واحدة من آلاف القصص لمالكي سيارات “كيا” و”هيونداي” في جميع أنحاء الولايات المتحدة، الذين تعرضت سياراتهم للسرقة أو التلف في العامين الماضيين، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس.
وربطت عمليات السرقة المرتفعة لهذه السيارات بمقاطع فيديو تداولت على نطاق واسع في منصة تيك توك ووسائل تواصل اجتماعي أخرى، حيث جاءت هذه المقاطع لتعليم الأشخاص كيفية تشغيل هذه السيارات باستخدام سلك “يو إس بي” مستغلة ثغرة أمنية في بعض الطرازات المباعة داخل البلاد.
حذف الفيديو باء بالفشل
وحاولت “هيونداي” العمل مع تيك توك، ومنصات أخرى، لإزالة مقاطع الفيديو المتداولة، ولكن ظهرت موجات جديدة من السرقات، مما يوضح الآثار المستمرة للمحتوى الخطير الذي يكتسب جاذبية لدى المراهقين الذين يبحثون عن طرق للانتشار.
وتلقي الإدارة الوطنية للطرق السريعة والسلامة باللوم على هذا “الترند” في وقوع 14 حادثا على الأقل وثماني حالات وفاة، لكن المحامين الذين يقاضون شركات صناعة السيارات يقولون إن الرقم من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
وكانت مورغان كورنفايند تقود سيارتها حيث تريد الذهاب إلى حصة يوغا في بورتلاند بولاية أوريغون خلال نهاية مارس، عندما اصطدمت بها سيارة مسروقة من نوع “كيا”، كان يقودها رجل في الاتجاه المعاكس أثناء فراره من الشرطة.
وأصيبت الشابة البالغة من العمر 25 عاما بكسور في العظام وجروح بالغة في ساقها، وكانت بحاجة لعملية جراحية تليها عدة مواعيد للتأهيل.
وكتبت في بيان: “أنا غير قادرة على العمل في وظيفتي التي أحبها كثيرا. أنا غير قادرة على ممارسة اليوغا أو الخروج للمشي مع كلابي. لقد فاتني الرحلات المخطط لها مع الأصدقاء بسبب البرنامج العلاجي المستمر. فكرة القيادة مرة أخرى تسبب لي ضيقا شديدا”.
وتعتزم شركة هيونداي الكورية الجنوبية لصناعة السيارات دفع ما يصل إلى 200 مليون دولار كتعويض لمالكي سيارات من تصنيعها في الولايات المتحدة، بعد سلسلة سرقات وحوادث ناجمة عن تحد حقق انتشارا كبيرا على تطبيق تيك توك.
وفي وقت سابق من هذا الشهر في مدينة ميلووكي بولاية ويسكنسن، اصطدمت سيارة “كيا” مسروقة بحافلة مدرسية، مما أسفر عن إصابة شاب يبلغ من العمر 15 عاما جعلته في حالة حرجة.
واعتقلت الشرطة فيما بعد أربعة أطفال في الرابعة عشرة من العمر، قيل إن أحدهم كان يقود السيارة. ووجهت العديد من الدعوات القضائية إلى شركات السيارات بعد انتشار ما يعرف بـ “تحدي كيا” عبر تيك توك.
شكاوى وتعويضات
وتلقت شركة المحاماة ” إم إل جي آتورنيس”، المتخصصة في دعاوى عيوب السيارات أكثر من 4000 استفسار من ضحايا “تحدي كيا”.
وقال راندي شروزبري، كبير مسؤولي الاستراتيجية في شركة المحاماة التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها: “الشيء المذهل هو أن الاستفسارات لا تتباطأ”.
وتعتزم شركة هيونداي الكورية الجنوبية لصناعة السيارات دفع ما يصل إلى 200 مليون دولار كتعويض لمالكي سيارات من تصنيعها في الولايات المتحدة، بعد سلسلة السرقات والحوادث الناجمة عن التحدي.
وبهدف إنهاء دعاوى قضائية جماعية، توصلت الشركة إلى اتفاق لتعويض حوالي 9 ملايين مالك لسيارات “هيونداي” و”كيا” مصنوعة بين عامي 2011 و2022، من طرازات مثل “توسون” و”سانتا في” و”إيلانترا”، بحسب بيان للشركة.
لكن بعض أقسام الشرطة والضحايا وصانعي السيارات يوجهون أصابع الاتهام أيضا إلى منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تيك توك ويوتيوب.
وقالت المتحدثة باسم يوتيوب، إيلينا هيرنانديز، في بيان إن الموقع أزال مقاطع فيديو تصور ما يُعرف باسم “تحدي كيا” خلال الأشهر الأخيرة، بينما شددت على أن الشركة تراعي سياق المحتوى عند اتخاذ تلك القرارات.
وكتبت هيرنانديز: “قد نسمح ببعض مقاطع الفيديو، إذا كان من المفترض أن تكون تعليمية أو وثائقية أو علمية أو فنية”.
من ناحيته، رفض متحدث باسم تيك توك التأكيدات على أن العديد من التحديات الخطيرة المذكورة في التقارير الإخبارية قد حققت شعبية كبيرة على المنصة.
تأثير تيك توك على المجتمع
وقال المتحدث باسم تيك توك، بن راث، في بيان، “لا يوجد دليل على أن أيا من هذه التحديات أصبحت رائجة على تيك توك وهناك تاريخ موثق يوضح أن العديد من التحديات المرتبطة بشكل خاطئ بتيك توك تسبق تاريخ المنصة كليا”.
وأظهر تقرير تطبيق تيك توك للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022 أن خمسة بالمئة من مقاطع الفيديو التي أزالتها الشركة كانت بسبب أفعال وتحديات خطيرة، مع إزالة 82 بالمئة منها في غضون 24 ساعة.
إلى ذلك، قال هاني فريد، الذي استقال في يناير من المجلس الاستشاري للمحتوى التابع لتطبيق تيك توك في الولايات المتحدة؛ لأنه شعر بأنه غير قادر على التأثير في التغيير، إن تيك توك يميل إلى أن يكون دفاعيا عندما يتم انتقاده بسبب ممارسات الإشراف على المحتوى.
وأقر فريد، وهو خبير التحليل الرقمي بجامعة كاليفورنيا، بوجود تحد متمثل في معرفة مصدر بعض المحتوى الرائج (الترند)؛ لأن المقاطع تنتقل بسرعة بين المنصات.