بعد شهر واحد من الأزمة المصرفية الطاحنة التي ضربت مختلف البنوك الأمريكية، خرجت شركة آبل بمشروع جديد وهو حسابات للتوفير بعائد تنافسي سنوي قدره 4.15 بالمئة.
ولم تكتف الشركة المسؤولة عن تصنيع هواتف آيفون بتلك الميزة فقط، فحسابها للتوفير الذي تتيحه بالتعاون مع Goldman Sachs لا يتطلب حد أدنى للرصيد أو الإيداع.
كما أن مكافآت برنامج “ديلي كاش” الذي يتيح للمستخدمين استرداد 3 بالمئة من قيمة مشترياتهم عند استخدام بطاقة آبل في الشراء من الممكن إيداعها تلقائياً بحساب التوفير.
وصرحت جينيفر بيلي نائبة رئيس خدمات الإنترنت لدى آبل بأن المدخرات تمكن مستخدميها من زيادة مكافآت Daily Cash بمرور الوقت، وأنها وسيلة سهلة الاستخدام تستهدف مساعدة المستخدمين على عيش حياة مالية سليمة.
ووُصفت بيلي تلك الخطوة من آبل بأنها ذكية في ظل ارتفاع التضخم وزيادة المخاوف بشأن الركود.
كيف تتوغل آبل في القطاع المالي؟
انخراط آبل في القطاع المالي بدأ منذ سنوات بإصدار Apple pay، وقامت بعد ذلك بتدعيم خطواتها في المجال ذاته.
على سبيل المثال، استحوذت آبل قبل عام على شركة التكنولوجيا المالية Credit Kudos وهي مسؤولة عن تطوير برمجيات من المفترض أن تجعل عمليات التحقق من الائتمان أكثر سهولة.
وفي الشهر الماضي قدم تحديث iOS 16 مميزات جديدة لـwallet app بما في ذلك “اشتر الآن ودافع لاحقاً”، وهو ما وضع الشركة العملاقة في منافسة حقيقية مع شركات مثل PayPal وAffirm.
وأتاحت الميزة للمستهلكين تقسيم مدفوعات مشترياتهم على 4 أقساط على مدار 6 أسابيع بدون أي فوائد أو رسوم وذلك على أي عملية شراء عبر التطبيق أو عبر الإنترنت باستخدام Apple Pay عند الدفع.
وتعمل آبل حالياً مع Square على نظام مدفوعات جديد يتيح للمستخدمين إرسال أموال إلى شخص ما عبر النقر على جهاز آيفون، وفي غضون ذلك ستتيح لك Wallet تتبع الطلبات التي تقوم بها عبر الإنترنت باستخدام Apple Pay.
وبالإضافة إلى ذلك، بإمكان المستخدمين استعمال تلك الخدمة مقابل مشتريات تبدأ من 50 دولاراً وحتى 1000 دولار، وبموجب تلك الإجراءات تحتفظ آبل حالياً بمركز الريادة في مجال محافظ الهواتف إذ تسيطر على حوالي نصف المعاملات.
وتسعى آبل بخطواتها الحثيثة لاستبدال المحفظة التقليدية بمحفظتها الرقمية حيث تحتفظ بكل شيء من أموالك إلى رخصة القيادة الخاصة بك وحتى نسخة رقمية من مفتاح سيارتك.
خطوات مالية مدروسة بدقة
الأمر اللافت أن تحركات شركة آبل في القطاع المالي ليست متهورة بل تنفذ بخطوات حثيثة، حيث كشفت عن Apple Pay عام 2014، لكن بعد مرور عامين بلغت قاعدة مستخدميها واحداً من بين 10 مستخدمين لآيفون على مستوى العالم، وارتفعت نسبة المستخدمين إلى 50% في 2020، أما في عام 2022، بلغت نسبة تبنيه عالمياً مستويات 75%.
ووفقاً لجين مونستر، الشريك الإداري لشركة Deepwater في تصريحات لفاينانشال تايمز، فإن خطوات آبل في مجال الخدمات المصرفية ستستغرق من 5 إلى 10 سنوات، لكن بحلول ذلك الوقت فإنه سيتم النظر إلى آبل في نفس السياق الذي يتم فيه النظر إلى Citi و JPMorgan.
هل تشكل آبل خطراً على البنوك؟
من الواضح أن شركة آبل لا تمزح فيما يخص طموحها في القطاع المالي بعدما ذكرنا الإجراءات التي اتخذتها حتى الآن لتعزيز تواجدها في قطاع الخدمات المالية الرقمية.
فالشركة الأمريكية العملاقة تستغل قاعدة جماهيرية تتكون من 1.2 مليار مستخدم لهاتف آيفون وغيره من الأجهزة، ولها تاريخ حافل بالابتكار وقيمة سوقية ضخمة بقيمة 2.6 تريليون دولار.
وبمقارنة حجم آبل بأكبر البنوك في العالم، فإن كفة صانعة الآيفون تصبح هي الأرجح، فقسمها للخدمات فقط يحقق أرباحاً سنوية أعلى من المستويات لدى JPMorgan و Citi مجتمعين.
ويشعر بتلك المخاوف رئيس واحد من أكبر البنوك في أميركا وعلى مستوى العالم وهو جيمي ديمون رئيس JPMorgan Chase، حيث صرح العام الماضي، بأنه على الرغم أن آبل لا تمتلك ودائع مؤمنة لكنها بنكاً وقال: “إذا نقلت الأموال واحتفظت بها وقمت بإدارتها وإقراضها فهذه مهام البنك”.
ومن جديد حذر ديمون المستثمرين هذا الشهر من الخطر الذي يلوح في الأفق، مشيراً إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى لديها موارد هائلة على مستوى البيانات وأنظمة الملكية وجميعها تمنحها ميزة تنافسية غير عادية.
كما صرح ستيفن سكويري الرئيس التنفيذي لـAmerican Express بأنه مرتاب للغاية من شركات مثل آبل وأمازون نتيجة روابطهما العميقة مع المستهلك.
ومع ذلك يرى لاعبون آخرون في صناعة الخدمات المالية أن آب لا تشكل تهديداً وجودياً، وقالت إيفا وانج، المديرة التنفيذية السابقة لشركة American Express في تصريحات نقلتها فاينانشال تايمز إن توسع آبل في مجال المدفوعات والخدمات المصرفية يتعلق برغبة الشركة في توسيع وصول آيفون ولإضافة الراحة للمستخدمين وإبقاءهم رهن نظامها.