هل سيخرج سيري وألكسا من سباق الذكاء الاصطناعي؟

روبوت الدردشة ChatGPT يتفوق على جميع الأنظمة التي تتسم بالذكاء الاصطناعي

بعد التطور السريع الذي شهده “شات جي بي تي” ChatGPT، الميزة الجديدة التي وفرتها OpenAI نهاية العام الفائت، والاستقطاب الكبير لما يزيد على مليون مستخدم خلال أول خمسة أيام من طرحه، وهو ما زال في طور مرحلة الاختبار والتجريب، بدأت نقاشات مقارنة ميزات الذكاء الاصطناعي المطروحة تطفو على السطح في هذا المجال، وعلى رأسها المفاضلة بين “تشات جي بي تي” وكل من المساعدين الصوتيين “سيري” Siri و”ألكسا” Alexa.

Tech3arabi Plans

المساعد الصوتي

وفي تقرير نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، يقوم المساعد الشخصي الافتراضي بمهمة نظام ذكي تزود به أجهزة “أبل” مثل “سيري” أو جهاز مستقل مثل “ألكسا” “أمازون”، لتوفير المساعدة للمستخدمين أثناء استعمال هواتفهم وفي سياراتهم وداخل منازلهم، إذ يستجيب المساعد للمستخدم بناء على نطقه كلمة محددة متفق عليها مسبقاً، ليصبح جاهزاً لتلقي الأوامر والتعليمات الصوتية، وفي حال كان قادراً على معالجتها ضمن الجهاز ينفذها مباشرة، أو يرسلها إلى خوادم الشركة لتقوم خوارزمياتها بتحليل الأوامر وتنفيذها، وفي حال احتاجت الأوامر إلى تحليل خارج الجهاز مثل الإجابة عن سؤال يعتمد على معلومة ما وغيرها، يقوم بتفويض الطلبات إلى مجموعة أخرى من خدمات الإنترنت، فهو قادر على التفاعل الصوتي وتشغيل الموسيقى والكتب الصوتية وعمل قوائم المهمات وضبط التنبيهات والبودكاست وتوفير الطقس وحركة المرور والرياضة، وغيرها من المعلومات التي تحدث في الوقت الفعلي كالأخبار مثلاً.

ويبدأ الحديث مثلاً مع “سيري”، وهي ميزة مدمجة أصدرت عام 2011 مع الجيل الخامس لـ”آيفون” بعبارة “يا سيري”Hey Siri وهي الكلمة المفتاحية التي تضع “سيري” بحال نشطة استعداداً لتلقي الأمر، وتعرف بالحس الفكاهي إذ توصف بأنها الأكثر مرحاً بين منافسيها، وتستخدم واحداً من فروع الذكاء الاصطناعي المعروف باسم “معالجة اللغة الطبيعية” NLP التي تمثل التفاعلات بين أجهزة الكمبيوتر واللغة البشرية، بحيث تجمع بشكل ذكي بين علوم الكمبيوتر وعلم اللغويات، إضافة إلى تقنيات التعلم الآلي والتدريب على نماذج صوتية متعددة اللهجات واللغات.

فروقات أساسية

ويتضح من الشرح السابق أنه يمكن للمساعد الافتراضي التفاعل مع العالم المادي وإتمام الإجراءات على التطبيقات أو الأجهزة الأخرى، بينما لا يمكن لـ ChatGPT القيام بأي من ذلك (في الأقل في الوقت الحالي)، لأنه صمم لتقديم إجابات لمجموعة واسعة من الأسئلة بشكل أكثر تفصيلاً وشمولية، فإن قوة “شات جي بي تي ChatGPT ” تتجلى في برمجيته القائمة على توفير تواصل مستمر ودقيق جداً مع المستخدم التي جعلت منه ثورة حقيقية في هذا المجال، ففي حين وصف “سيري” و”ألكسا” بالمساعد الشخصي يترفع “تشات جي بي تي” عن هذه الصفة ليشمل مهمات أكثر دقة ومرونة وشمولية، أي أن لدى المساعد الشخصي قابلية للتطبيق والاستعمال في حياتنا اليومية، في حين أن “تشات جي بي تي” خصص في الوقت الحالي لحالات الاستخدام المتعلقة بالأعمال، وفي حين لا يقوم “تشات جي بي تي” بتشغيل الأغاني أو إطفاء الأنوار في غرفتك أو إجراء اتصال خاص، إلا أنه سيساعدك بالتأكيد على إكمال العمل الذي تقوم به في مكتبك بشكل أسرع بكثير.

أما في موضوع الدقة، فترجح الكفة أيضاً لمصلحة “تشات جي بي تي” إذ يتصف بدقة عالية في أي شيء يمكنه فعله، فهو لا يقوم فقط بتوليد ردود شبيهة بالبشر بل يمكنه أيضاً تعديل إجاباته بناء على التعديل الذي تجريه على أسئلتك لتزويدك بإجابات أكثر دقة من دون الحاجة إلى تكرار ذكر موضوع السؤال للحصول على إجابة دقيقة، إذ يتفهم سياق المحادثة والإجابات تماماً كما يفعل الإنسان، وهذا النوع من الدقة والسلاسة والطلاقة هو نتيجة تدريب نموذجه على قاعدة بيانات أكبر، كما أنه يتعامل مع المحادثات الطويلة على عكس المساعدين الشخصيين.

كما أن تصميم المساعدات الافتراضية لا يتسم بالمرونة وسهولة التعديل، إذ تتطلب أي مهمة للإضافة إليه جهداً كبيراً في إعادة بناء قاعدة البيانات بشكل كامل، وهذا ما صرح به المهندس السابق في “أبل” جون بيركي الذي كلف مهمة تحديث “سيري” وإضافة ميزات جديدة، قائلاً إن “مجرد القيام بتحديثات بسيطة من الممكن أن تستغرق ما يزيد على ستة أسابيع، فالأمر يتطلب إعادة بناء قاعدة البيانات”، كما أن هناك ميزات تحتاج إلى ما يصل لعام لإضافتها، واصفاً تصميم “سيري” بالمرهق لما يتطلبه من وقت وجهد كبيرين.

جي بي تي 4 يتفوق على الجميع

وفي النهاية، يمكننا القول إن “تشات جي بي تي” هو أفضل بكثير من سيري” و”ألكسا” عندما يتعلق الأمر بالحصول على مساعدة في الأعمال المكتبية الرسمية المهمة، إذ يمكنه في الأقل الإجابة عن الأسئلة بالتفصيل والتحدث كإنسان حقيقي وتوفير كثير من الوقت من خلال التخلص من الحاجة إلى إجراء البحث والكتابة والإجابة عن الاستفسارات يدوياً.

كما يمكنه القيام ببعض المهمات التي يستحيل على “ألكسا” و”سيري” القيام بها مثل المساعدة في كتابة الأكواد البرمجية لتطوير البرمجيات والويب وشرح المواضيع المعقدة باستخدام عبارات أبسط وكتابة المهمات الخاصة بطلاب الجامعات مثل المقالات وكتابة خطاب التقديم التحفيزية لطلبات العمل وغيرها الكثير، وكذلك من الممكن له وهو على طريق التطورات المستمرة توسيع حالات استخدامه ليشمل التفاعل مع العالم المادي أيضاً، وكانت أطلقت في وقت سابق من هذا الشهر نسخة “جي بي تي 4″ التي أثبتت قدرة هذه التكنولوجيا على القيام بمجموعة واسعة من المهمات والتعامل مع تعليمات أكثر دقة من سابقتها، فضلاً عن استخدامها التفاعل مع البشر من أجل إكمال مهمات العالم الحقيقي.

وفي السياق ذاته، تشهد النماذج اللغوية إقبالاً واهتماماً واسعاً في عالم الذكاء الاصطناعي، حتى إن معهد الابتكار التكنولوجي في الإمارات العربية المتحدة أعلن منذ أيام قليلة إطلاقه لنموذجه اللغوي Falcon LLM الذي وصفه بأنه يفوق أداء النسخة الثالثة من ChatGPT وسيتاح للاستخدام العام في المستقبل القريب.

وبذلك ربما يصبح موضوع اللجوء إلى المساعدات الرقمية المذكورة مجرد خيار وتفضيل شخصي لا أكثر، بخاصة إذا ما علمنا أن الشركة المالكة لـ”تشات جي بي تي” تعد منظمة غير ربحية، بالتالي فإنها لا تتعرض لضغوط تتعلق بزيادة أرباحها، لذا فمن غير المرجح أن تتبادل بياناتك، على عكس الشركات الربحية العملاقة “أبل” و”أمازون”، وهذا ربما يعني خصوصية بيانات أكبر.

لكن من الجدير ذكره أنه ما زالت “أمازون” و”أبل” تراهنان على مستقبل خدماتهما وعلى الاستثمار بها، فهل لديهما خطة مستقبلية مخبأة لتطوير المساعدين في اتجاهات أخرى أيضاً؟

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى