ما هي الأسباب التي دفعت شركات التكنولوجيا إلى تسريح آلاف الموظفين؟

بعد انحسار الوباء، وعودة الحياة إلى طبيعتها، لم يعد الطلب على التكنولوجيا كما كان منتصف عام 2020

تسريحات الموظفين في قطاع التكنولوجيا “بالجملة”، مستمرة، ولا تزال الشركات الكبرى تعلن عن تسريح آلاف العمال وخطط لتخفيض العمالة. فما الذي حل بالقطاع حتى وصل إلى هذا الحد من تراجع الأرباح واللجوء إلى تنقيص المصاريف؟

شهد قطاع التكنولوجيا طفرة أرباح خلال انتشار وباء كورونا، فبعد الإغلاق في دول العالم، لجأ الموظفون إلى العمل من بعد، والطلاب إلى الدراسة من المنزل، وكانت العائلات تؤمن مشترياتها من خلال متاجر الإنترنت، هذا فضلا عن النمو في شركات الألعاب والأفلام على الإنترنت.

أمام هذا الواقع، لجأت شركات تكنولوجية عدة إلى التوسع، وزادت عدد موظفيها كي تلاقي ارتفاع الطلب وزيادة الأرباح ومشاريعها الاستثمارية.

إلا أنه بعد انحسار الوباء، وعودة الحياة إلى طبيعتها في بلدان عدة، لم يعد الطلب على التكنولوجيا كما كان منتصف العام 2020، ما غير المعادلات، وأدى إلى صدمة في القطاع.

عام 2020 فجّر موجة ثانية من التحول الرقمي

هذا ما يستخلص من تقرير سي أن أن، التي أشارت إلى أنه خلال يناير 2021، تحدث الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، عن كيف أن السنة الأولى من الوباء أحدثت تحولا مذهلا نحو الخدمات عبر الإنترنت، ما أفاد شركته من هذه العملية.

وقال: “ما شهدناه خلال العام الماضي (2020) هو فجر موجة ثانية من التحول الرقمي يجتاح كل شركة وكل صناعة تكنولوجيا”.

لكن، أشارت سي أن أن، إلى أنه بعد ذلك بعامين، أصبح الوضع “أكثر قسوة”، ومؤخرا قالت مايكروسوفت أنها تخطط لتسريح 10 آلاف موظف.

ومايكروسوفت ليست الشركة الوحيدة التي تواجه مثل هذا الانعكاس بعد انحسار كورونا وسياسات الإقفال. فـ”ألفابيت”، الشركة الأم لـ”غوغل”، قالت إنها تخطط لإلغاء نحو 12 ألف وظيفة، أي ما يعادل أكثر من 6 في المئة من موظفيها.

وعلى مدار الأشهر الثلاثة الماضية، أعلنت أمازون وغوغل ومايكروسوفت وميتا عن خطط لتسريح أكثر من 50 ألف موظف، وهو واقع معاكس للأشهر الأولى من الوباء عندما كان عمالقة التكنولوجيا ينمون بسرعة لتلبية ارتفاع الطلب المزايد عندما زاد الشراء والعمل عبر الإنترنت، فحينها كانت توقعات عدد كبير من قادة الأعمال في عالم التكنولوجيا أن يستمر النمو في القطاع، وفق سي أن أن.

ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والمخاوف من الركود

ويذكر تقرير سي أن أن العديد من العوامل الأخرى التي ضربت قطاع التكنولوجيا، فقد قال إن “ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والمخاوف من الركود، كل هذه الأمور أدت خلال الأشهر الأخيرة إلى تراجع الإعلانات وإنفاق المستهلكين ما أثر على أرباح شركات التكنولوجيا وأسعار الأسهم”.

وقال الخبير في مجال شركات التكنولوجيا، سكوت كيسلر إن “الشركات في القطاع اتخذت قرارات استراتيجية غير صائبة في الأوقات الخاطئة”.

وعن تعويضات العمال المسرحين، ذكرت سي أن بي سي في تقريرها أن “العمال المسرحين سيحصلون على حزم مكافآت نهاية الخدمة بأحجام ومدة متفاوتة حسب مكان عملهم”.

فبالنسبة إلى مايكروسوفت التي قالت، الأربعاء، إنها ستسرح 10 آلاف موظف. ستحصل التخفيضات حتى نهاية شهر مارس، وذكرت سي أن بي سي، أن فرق المبيعات والتسويق ستشهد تخفيضات أكبر من فرق الهندسة في الشركة.

وكتب ناديلا أن الموظفين الأميركيين سيحصلون على تعويض إنهاء الخدمة، وستة أشهر من الرعاية الصحية واستحقاق الأسهم، و 60 يوما من الإشعار.

وستتحمل مايكروسوفت 1,2 مليار دولار من التكاليف لإعادة الهيكلة والتسريح.

أما أمازون التي بدأت الموجة الأخيرة من تسريح العمال، فتقول سي أن بي سي إنه بالنسبة لموظفي التجزئة في الولايات المتحدة، تقدم أمازون رواتب ومزايا كاملة على مدى 60 يوما. وبعد هذه الفترة، تقدم أمازون للموظفين المسرحين أسابيع عدة من تعويضات نهاية الخدمة، والمزايا الصحية، وغيرها.

وفي ميتا، وعد لكل موظف تم سُرح بـ16 أسبوعا من إنهاء الخدمة، بالإضافة إلى تغطية التأمين الصحي لفترة زمنية محددة مسبقا، وغيرها من المزايا.

لكن في ديسمبر، قال بعض العمال المسرحين لـ”سي أن بي سي” إنهم يتلقون حزم إنهاء خدمة دون المستوى المطلوب مقارنة مع تلك الخاصة بالموظفين المسرحين حديثا. فبدلا من 16 أسبوعا، حصلوا على 8 أسابيع فقط من الراتب الأساسي، هذا فضلا عن الاختلافات المادية الأخرى.

آبل ليست محصنة من المشاكل التي أصابت عمالقة التكنولوجيا الآخرين

ولا تزال شركة آبل صامدة، من بين الشركات التكنولوجية التي شهدت تسريحات “بالجملة” للموظفين. فرغم أن ألفابيت أصبحت الجمعة أحدث شركة تكنولوجيا، تعلن عن تسريح موظفين على نطاق واسع، تحتفظ آبل بصلابتها التي ربما تخسر شيئا منها قريبا، حسب بعض التقارير.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أنه “لا توجد شركة مؤكد أنها ستتجنب التسريحات الكبيرة في بيئة اقتصادية متقلبة مثل البيئة الحالية”، معتبرة أن “آبل ليست محصنة بوجه تحديات الأعمال التي أصابت عمالقة التكنولوجيا الآخرين”.

منذ نهاية السنة المالية في سبتمبر 2019 حتى سبتمبر 2022، نمت القوة العاملة في آبل بنحو 20 في المئة، لتصل إلى ما يقرب من 164 ألف موظف بدوام كامل.

إلا أنه، خلال الفترة عينها تقريبا، تضاعف عدد الموظفين في أمازون، وارتفع عدد العاملين في مايكروسوفت بنسبة 53 في المئة، وزادت ألفابيت التوظيف بنسبة 57 في المئة، وتضخم عدد الموظفين في شركة ميتا بنسبة 94 في المئة.

ووفق وول ستريت جورنال، لدى آبل نحو 65 ألف موظف بيع بالتجزئة، يعملون في أكثر من 500 متجر، ويشكلون نحو 40 في المئة من إجمالي القوى العاملة في الشركة.

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك
Exit mobile version