العمال المُسرَّحون من شركات التكنولوجيا في ساحة حرب المواهب

بعد أن اعتاد معظم الموظفين في القطاع التكنولوجي على مناصب برواتب كبيرة

شكل التسريح الجماعي منعطفا كبيرا وسريعا لموظفي شركات التكنولوجيا الذين ظلوا لفترة طويلة من بين أكثر العمال المطلوبين في مجال الأعمال. فشركة ميتا حذفت 11 ألف وظيفة هذا الأسبوع، وطردت تويتر نصف موظفيها البالغ عددهم 7500 موظف، هذا فضلا عن توقف غوغل عن التوظيف.

يأتي ذلك بعد أن اعتاد معظم الموظفين في القطاع التكنولوجي على مناصب برواتب كبيرة وحزم أسهم وتقديمات أخرى، أما الآن فيواجهون التسريح، إلى جانب تقلص صافي ثرواتهم مع انخفاض الأسهم خلال فترة حرجة لقطاع التكنولوجيا، وفق ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير.

وبالتزامن مع موجة التسريح الحاصلة، يروي موظفو الموارد البشرية مثل شارلي بتزييغ أنهم يتلقون مراجعات كثيرة من موظفي التكنولوجيا المُسرَّحين.

ويوضح بتزييغ لـ”وول ستريت جورنال” أنه بعد أن كان لسنوات الشخص الذي يحاول جذب موظفي التكنولوجيا إلى شركته، بات الآن يتلقى هذا السيل الكبير من المراجعات.

وشرح الرئيس التنفيذي لوكالة “فري”، التي تقدم المشورة لموظفي التكنولوجيا وتساعدهم على إيجاد فرصة عمل مناسبة، شيرفين مشايكي أن بعض العاملين في مجال التكنولوجيا يواجهون البطالة لأول مرة في حياتهم المهنية، في حين يسعى آخرون للحصول على الأمن الوظيفي في مجالات أخرى.

ويلفت مشايكي إلى أن طلبات التوظيف التي تتلقاها شركته من العمال في شركات التكنولوجيا ذات رؤوس الأموال الكبيرة تضاعفت أربع مرات.

وعلى سبيل المثال، عمل براشاي ديو خلال السنوات القليلة الماضية في شركة “سوندر هولدينغز”، التي تشبه “أر بي أن بي”، ثم كمدير للتوسع والعمليات في “جيرني”، أما الآن فهو يبحث عن عمل. ويقول ديو، الذي عمل سابقا أيضا لدى شركة “أبل”، إنه يعيد تقييم ما يريده من صاحب العمل التالي.

واعتبر أن “التكنولوجيا ستبدأ بطرح علامات استفهام أكثر من علامات التعجب”. في إشارة إلى المستقبل الغامض لشركات التكنولوجيا بعد أن أدهشت العالم بالتطور. وبات سؤاله الأول خلال مقابلاته مع مديري الموارد البشرية هو عن كيفية تعاملهم مع موجة التسريح.

من جهتها، قالت عاملة في شركة ناشئة للتجارة الإلكترونية، إن تدفق الموظفين التقنيين المسرحين والباحثين عن وظيفة دفعها إلى العمل لساعات أكثر. وقالت إنها ليست خائفة من فقدان وظيفتها، لكنها تشعر بأنها باتت أكثر قابلية للاستبدال عما كانت عليه قبل أشهر قليلة، حسب وول ستريت جورنال.

وتقدر أن صافي ثروتها قد انخفض بنسبة 25 في المئة منذ بداية عام 2022، موضحة أنها تفكر ببيع سيارتها بعد انخفاض السهم الذي تملكه من صاحب عمل سابق في مجال التكنولوجيا، واحتمال انخفاض المكافأة هذا العام.

ولفت كبير مسؤولي الأبحاث في “كومبتيا”، وهي مجموعة تجارية لتكنولوجيا المعلومات، تيم هربرت إلى أن الوظائف في منصات مبيعات المنازل وشراء السيارات وغيرها من الشركات شديدة التأثر بمعدلات الفائدة تضررت بشدة. فعلى سبيل المثال، سرحت شركة العقارات “ريدفن” 13 في المئة من موظفيها، الأربعاء.

ومع ذلك، فإن الكثير من شركات التكنولوجيا تنشر وظائف، لا سيما تلك التي تعمل في برمجيات المؤسسات والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، وفق ما أفاد هربرت.

ونمت فرص العمل في مجال التكنولوجيا بأكثر من 10 آلاف وظيفة إلى 317 ألفا في أكتوبر، ما عكس خمسة أشهر من التراجع، وكان التوظيف في جميع أنحاء الصناعة أعلى بنسبة 28 في المئة عن العام السابق، وفقا لشركة “كومبتيا”.

وقال هربرت إن الطلب لا يزال قويا على مصممي UX ومهندسي تطوير العمليات ومطوري الويب ومطوري تطبيقات الأجهزة المحمولة.

وتقول مهندسة البرمجيات البالغة من العمر 25 عاما والتي سرّحت من “تويتر” الأسبوع الماضي جوستين دي كايرس إنها تلقت سلسلة من رسائل عبر “لينكدإن” من شركات التوظيف من أجل وظائف لصالح الشركات الناشئة.

وينصح مؤسس شركة “فيليسيس فنتشرز”، أيدين سينكوت، شركات محفظته التي لديها أقل من عام من السيولة النقدية بعدم زيادة الرواتب أو زيادة عدد الموظفين. ويقول إن الآخرين الذين لديهم نمو أسرع ومزيد من الاحتياطيات قد يلتقطون بعض المواهب من الشركات الكبرى، لكن لا توجد شركات ناشئة كافية لاستيعاب جميع الخسائر في الوظائف، وفق ما ورد في وول ستريت جورنال.

ويُذكر أن ميتا بلاتفورمز المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي قررت، الأربعاء، الاستغناء عن 13 في المئة من قوتها العاملة، أو أكثر من 11 ألف موظف، في واحدة من أكبر عمليات التسريح هذا العام إذ تكافح الشركة للتعامل مع ارتفاع التكاليف وضعف سوق الإعلانات، حسب ما ذكرت رويترز.

وجاءت عملية التسريح، وهي الأولى في تاريخ الشركة المالكة لموقع فيسبوك وتأسست قبل 18 عاما، في أعقاب إلغاء آلاف الوظائف في شركات تكنولوجيا كبيرة أخرى .

وتحولت الطفرة التي نتجت عن جائحة كورونا، والتي عززت شركات التكنولوجيا وتقييماتها، إلى ركود هذا العام في مواجهة أعلى معدل تضخم منذ عقود وأسعار الفائدة التي يجري رفعها على نحو متسارع، وفق رويترز.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ في رسالة إلى الموظفين “لم يقتصر الأمر على عودة التجارة عبر الإنترنت إلى الاتجاهات السابقة، ولكن الانكماش الاقتصادي الكلي وزيادة المنافسة والمؤشر على خسارة الإعلانات تسببت في انخفاض عائداتنا كثيرا عما كنت أتوقعه”.

وأضاف: “لقد فهمت الأمر بشكل خاطئ، وأنا أتحمل مسؤولية ذلك”.

وتخطط الشركة أيضا لخفض الإنفاق الاختياري وتمديد تجميد التوظيف خلال الربع الأول من العام المقبل. لكنها لم تكشف عن وفورات التكلفة المتوقعة من هذه القرارات.

وقالت الشركة إنها ستدفع 16 أسبوعا من الراتب الأساسي بالإضافة إلى أسبوعين إضافيين لكل سنة من الخدمة، بالإضافة إلى جميع الإجازات المدفوعة المتبقية، كجزء من حزمة إنهاء الخدمة.

وسيحصل الموظفون المتأثرون أيضا على أسهمهم التي كان من المقرر منحها في 15 نوفمبر وتغطية الرعاية الصحية لمدة ستة أشهر، وفقا للشركة.

ويعد زوكربيرج من بين العديد من كبار المديرين التنفيذيين الأميركيين الذين دقوا ناقوس الخطر هذا العام بشأن الركود المقبل. وحتى نهاية سبتمبر كان لدى ميتا 87314 موظفا، وفق ما جاء في تقرير رويترز.

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى