سجلت رسوم صفقات “الاندماجات والاستحواذات” في السعودية خلال العام الماضي أعلى ارتفاع لها منذ أكثر من عقدين وفقاً للتقرير الصادر عن الاقتصادية الدولية
وبلغت الرسوم المتحصلة جراء إغلاق تلك الصفقات بنجاح في المملكة نحو 185.46 مليون دولار، وذلك وفقا لبيانات منصة “ريفينيتيف” وهي من بين أكبر مزودي البيانات المالية حول العالم.
في حين وصلت رسوم البنوك الدولية والإقليمية عن ترتيب صفقات الاندماجات والاستحواذات “الخليجية” إلى 335.64 مليون دولار عن 2021، أي أن أكثر من نصفها يعود إلى السعودية بنحو 55.2 في المائة من الإجمالي.
في الوقت ذاته، نمت أعداد صفقات الاندماجات والاستحواذات الخليجية بأكثر من 59 في المائة على أساس سنوي، بعد بلوغها 94 صفقة في 2021 مقارنة بـ59 صفقة في 2020، مقابل 394.93 مليون دولار.
وأسهمت المنافسة الشديدة بين المؤسسات المالية الخليجية لتقديم خدمات الاندماجات والاستحواذات في تخفيض الرسوم المتحصلة 15 في المائة على أساس سنوي على الرغم من نمو أعداد الصفقات.
يذكر أن المعدل المتوسط لرسوم صفقات الاندماجات والاستحواذات في السعودية – الذي تدفعه الشركات للبنوك الاستثمارية – أعلى بأكثر من 200 في المائة عن نظيره الخليجي.
ويعود السبب في ذلك إلى كبر وضخامة بعض عمليات الاستحواذ التي تمت في السعودية خلال 2021. فكلما كانت أصول الشركات الداخلة في صفقات الاستحواذات تتعدى عشرات المليارات، كانت الرسوم أعلى.
وأظهر رصد لـ”الاقتصادية” أن “متوسط رسوم” صفقة الاندماج أو الاستحواذ الواحدة لشركة سعودية تصل إلى 7.13 مليون دولار مقابل 2.34 مليون دولار في الخليج.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، تسيطر السوق السعودية والإماراتية وحدهما على 81 في المائة من صفقات الاندماجات والاستحواذات في المنطقة.
وللعام الثالث على التوالي، أصبحت السعودية ثاني أنشط سوق للاندماجات والاستحواذات في الخليج. وأشارت بيانات حصلت عليها “الاقتصادية” من منصة “ريفينيتيف”، وهي الشركة المملوكة لمجموعة بورصة لندن للأوراق المالية، إلى أنه خلال العام الماضي تم طرح 26 صفقة اندماج أو استحواذ في السعودية، تشكل ما يقارب 29 في المائة من إجمالي عدد اكتتابات منطقة الخليج.
يذكر أن منصة “ريفينيتيف” تعد أحد أكبر مزودي البيانات الخاصة بالأسواق المالية في العالم، حيث يستعين أكثر من 400 ألف مستخدم ببياناتها النوعية. وتقوم المنصة بجمع وتوفير المعلومات وتحديد أبرز التوجهات والتكنولوجيات التي تمكن العملاء من القيام بالاستثمارات، وإجراء عمليات التداول وتسهم في دعم الأداء، والابتكار ونمو الأعمال.
الصفقات العالمية في 2022
مع بداية يناير 2022، خرجت “ويليس تاورز واتسون” لإدارة المخاطر والخدمات الاستشارية بتقرير أشارت فيه إلى توقعها استمرار نشاط الاندماجات والاستحواذات العالمية في 2022.
وأوضح تقرير الشركة أن نشاط الصفقات يبدو أنه سيكون مهيأ لمواكبة قمم 2015، على الرغم من أنه سيظل عرضة لتحديات متزايدة، مثل أزمات سلاسل الإمدادات وتعقد الصفقات والمنافسة على الأصول مرتفعة الجودة.
غير أن الواقع أظهر حدوث انخفاض في نشاط الاندماج والاستحواذ في معظم دول العالم خلال الربع الثاني من هذا العام، مع انحسار صفقات الأسهم العالمية المبرمة في ظل ارتفاع التضخم وتراجع شهية المخاطرة في أسواق الأسهم العالمية.
ووفقا لبيانات “ديلوجيك” التي نقلتها “رويترز”، تراجعت قيمة صفقات الأسهم المعلنة عالميا 25.5 في المائة على أساس سنوي إلى تريليون دولار، إذ انخفض نشاط الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة 40 في المائة إلى مليار دولار في الربع الثاني، بينما انخفض نشاط منطقة آسيا والمحيط الهادئ 10 في المائة.
وكانت أوروبا المنطقة الوحيدة التي لم يتراجع فيها عقد الصفقات، إذ ارتفع نشاط الاندماج والاستحواذ 6.5 في المائة في الربع الثاني، مدفوعا إلى حد كبير بموجة من صفقات الأسهم الخاصة، بما في ذلك عرض شراء خاص بقيمة 58 مليار يورو “61 مليار دولار” من قبل عائلة “بينيتون” وصندوق الاستحواذ الأمريكي “بلاكستون” لمجموعة البنية التحتية الإيطالية “أتلانتيا”. وتعد صفقة استحواذ “مايكروسوفت” على شركة الألعاب “أكتيفيجن بليزارد”، من أبرز الصفقات التي عقدت خلال العام الحالي حتى الآن.
كما كشفت البيانات انخفاض عائدات الإدراج العالمي 84 في المائة إلى 33 مليار دولار في الربع الثاني، حيث حاولت 274 شركة فقط جمع السيولة من خلال طرح عام أولي، مقارنة بـ852 شركة في الربع السنوي نفسه من العام الماضي.
وكانت أكبر صفقات هذا الربع هي شراء “برودكوم” بقيمة 61 مليار دولار نقدا وأسهم لشركة “في إم وير” VMWare Inc في الولايات المتحدة، إلى جانب الاستحواذ المقترح من إيلون ماسك على “تويتر” مقابل 44 مليار دولار. وكان مسح صادر في يوليو الماضي، وفقا لوكالة “بلومبيرج”، قد عد تقلبات أسواق الأوراق المالية واضطرابات التمويل وراء التأخير أو التخلي عن خطط الاندماج والاستحواذ.
هذا ويتوقع صانعو الصفقات انتعاش المعاملات عبر الحدود بين الولايات المتحدة وأوروبا في نهاية المطاف على خلفية قوة الدولار واتساع الفجوة بين تقييم الشركات الأمريكية والأوروبية، ومع ذلك، يسود الحذر الأسواق حيث لا تزال الشركات تسعى لقطع علاقاتها مع روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وفي الهند، أشار كاوستوب كولكارني رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية لدى “جيه بي مورجان” إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ أصبحت حلا مهما للمستثمرين الذين يواجهون تباطؤا في أسواق رأس المال في الهند.
وقال كولكارني في مقابلة تلفزيونية مع “بلومبيرج” “تعد الهند سوقا فائقة الأهمية للصناديق السيادية والأسهم الخاصة وصناديق المعاشات التقاعدية العالمية، التي تلعب دورا متزايد الأهمية في عدد عمليات الاندماج والاستحواذ التي تحدث حاليا”. وبحسب بيانات “بلومبيرج”، شهدت الهند ما قيمته نحو 82 مليار دولار من صفقات الاندماج والاستحواذ المعلقة والمكتملة خلال الربع الثاني من هذا العام.
قيمة عمليات الاندماجات والاستحواذات العالمية تجاوزت مستوى خمسة تريليونات دولار
تجاوز نشاط الاندماج والاستحواذ حول العالم أعلى مستوياته على الإطلاق في 2021، بدعم من وفرة رأس المال، والتقييمات المرتفعة. وبحسب بيانات “ديلوجيك” التي نقلتها “رويترز”، تجاوزت قيمة عمليات الاندماجات والاستحواذات العالمية مستوى خمسة تريليونات دولار للمرة الأولى على الإطلاق.
وارتفعت القيمة 63 في المائة عند 5.63 تريليون دولار،بدءا من 16 ديسمبر 2021، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل قبل الأزمة العالمية البالغ 4.42 تريليون دولار في 2007. وذلك بدعم من قطاعي التكنولوجيا والرعاية الصحية، ومدفوعا جزئيا بالطلب المكبوت في 2020، عندما انخفضت وتيرة نشاط الاندماج والاستحواذ إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أعوام بسبب التداعيات المالية العالمية لوباء كوفيد – 19.
هذا وتضاعف حجم الصفقات الإجمالية في الولايات المتحدة إلى 2.61 تريليون دولار هذا العام، كما قفز حجم الصفقات في أوروبا 47 في المائة عند 1.26 تريليون دولار، وارتفعت في منطقة آسيا والمحيط الهادئ 37 في المائة إلى 1.27 تريليون دولار.
طفرة الاندماجات والاستحواذات في تحقيق رسوم قياسية للبنوك الاستثمارية
وحسب بيانات “ريفينيتيف” التي نقلتها “فاينانشيال تايمز”، أسهمت طفرة الاندماجات والاستحواذات في تحقيق رسوم قياسية للبنوك الاستثمارية في 2021، إذ بلغ إجمالي الرسوم 157 مليار دولار منها 47 مليار دولار رسوم، نتيجة تقديم المشورة في عمليات الاندماج والاستحواذ.
وجاء ذلك بدعم من تدخل البنوك المركزية لخفض معدلات الفائدة، إلى جانب الدعم الحكومي للشركات المتضررة من الوباء، الذي دعم أسواق الأسهم والنمو، وسهل الوصول إلى الديون الرخيصة لتمويل تلك الصفقات.
واحتل بنك جولدمان ساكس جروب المرتبة الأولى في إبرام الصفقات خلال 2021، مع تسجيل صفقات الاندماج والاستحواذ مستويات قياسية.
وبحسب بيانات جمعتها وكالة “بلومبيرج”، تمكن البنك الاستثماري الأمريكي من تصدر قائمة مستشاري عمليات الاندماج والاستحواذ للعام الخامس على التوالي. وأظهرت البيانات أن “جولدمان ساكس” كان مستشارا لصفقات تزيد قيمتها على تريليون دولار في 2021، ما يمنحه حصة سوقية تتجاوز 24 في المائة.
وحقق البنك رسوما عن تقديم خدمات الاستشارة لصفقات الاندماج والاستحواذ تتجاوز أربعة مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2021، ليتجاوز منافسيه مثل “جيه بي مورجان” و”مورجان ستانلي”.
وارتفعت عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع النفط والغاز إلى أعلى مستوى في ثلاثة أعوام خلال 2021، بدعم الصعود القوي للأسعار.
وقالت شركة ريستاد إنرجي، “إن صفقات الاستكشاف والإنتاج العالمية وصلت إلى 181 مليار دولار في 2021، بزيادة 70 في المائة عن مستويات 2020”. وواجه البائعون صعوبة في العثور على مشترين خلال فترة الركود الاقتصادي في 2020، لكن ذلك انتهى في 2021 مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وجاءت صفقات الاندماجات والاستحواذات في قطاع النفط والغاز في أمريكا الشمالية في صدارة القائمة، تليها أوروبا. وشكلت صفقات الغاز الطبيعي نحو 56 في المائة من كل الصفقات المسجلة في القطاع خلال 2021، مقابل 43 في المائة في 2020.