ملابس افتراضية لشخصية افتراضية.. هذا ما ينتظرنا في عالم الميتافيرس ومقتنيات NFT!

مما لا شك فيه أننا أصبحنا نعيش التطور التكنولوجي في أزهى فتراته. ففي كل يوم جديد تثبت لنا التكنولوجيا والعالم الرقمي أن هناك المزيد بجعبتهما لإبهارنا. أصبحنا نسمع عن مصطلحات وأفكار لو قيلت منذ 10 سنوات فقط لاتهمنا أصحابها بالهذيان ولظننا أنهم مخمورون. سمعنا منذ بضعة أشهر عن مصطلح “الميتافيرس” Metaverse من المدير التنفيذي لشركة ميتا (فيسبوك سابقًا)، مارك زوكربيرج، وها نحن نسمع هذه الأيام عما يُسمى NFTs، فما هي هذه الأشياء؟ وما الرابط العجيب بينهما؟

“الميتافيرس” هو المحرك الحقيقي وراء NFTs

على عكس ما يظنه الكثيرون، فإن مصطلح “الميتافيرس” لا يعود إلى مارك زوكربيرج، بل هو حتى ليس بالمصطلح الجديد على الساحة. يعود الفضل في صك هذه الكلمة إلى المؤلف الأمريكي “نيل ستيفنسون” والذي ذكرها لأول مرة عام 1992 في إحدى روايات الخيال العلمي خاصته والتي تُسمى “انهيار الجليد”، والتي وصف فيها بعض الشخصيات الخيالية وهي تقابل بعضها البعض في واقع افتراضي وبيئات ثلاثية الأبعاد، وهذا هو “الميتافيرس” بكل بساطة: سنعيش جميعنا في عالم رقمي نتفاعل فيه كما لو أننا في واقعنا الحالي.

ولكن ماذا عن NFTs؟ باختصار شديد ومُخل؛ هي الأشكال وكل المحتوى الرقمي الذي يمكنك امتلاكه أنت فقط دون غيرك. يعد المصطلح اختصارًا لعبارة Non- Fungible Tokens والتي تعني الرموز غير القابلة للاستبدال، وهذا يعود إلى تقنية سلسلة الكتل Blockchain المبنية على أساسها تلك الـ NFTs. الأمر أشبح بالعقارات، ولكن في شكل رقمي؛ تخيل أن ترى صورة لقرد أو لقطة ما على الإنترنت وتصبح ملكًا لك إلى الأبد ولا يحق لأي أحد على الإنترنت أن يستخدمها سواك، هكذا تسري الأمور.

لتسهيل تخيل الأمر، دعنا نضرب لك مثل الموناليزا، هي لوحة شهيرة لا نجد منها غير نسخة واحدة في العالم، ما يجعلها مميزة وتقدر بثروة طائلة، الآن تخيل معي أن مقتنيات NFT هي كالموناليزا، لا يوجد منها غير نسخة واحدة فقط مميزة في العالم ما يكسبها تميزها وقيمتها العالية.

ومنذ ظهور مصطلح مقتنيات NFT لأول مرة وحتى الآن، فقد سمعنا عن العديد من الأشياء التي قد تبدو بلا قيمة تباع بملايين الدولارت، فمثلًا، وجدنا الكود المصدري لشبكة الويب العالمية يباع كمقتنى NFT مقابل 5.4 مليون دولار، وكذلك رأينا صاحب الميم المشهور Nyan Cat يقوم بعرض الملف الأصلي لهذا العمل بصيغة NFT ليتم بيعه فيما بعد بمبلغ 600,000 دولار!

هل إذا قمت بأخذ لقطة شاشة لأحد مقتنيات NFT فهذا يعني أني أمتلكها أيضًا؟

على نفس مثال الموناليزا، هل إذا قمت بتصويرها وطباعة هذه الصورة فهذا يعني أنك تمتلكها؟ بالتأكيد لا، وكذلك هو الحال مع مقتنيات NFT، وعلى الرغم من أننا هنا نتحدث عن محتوى رقمي، مما يعني أنه سيكون من المستحيل التمييز بين المحتوى الأصلي والآخر المأخوذ كلقطة شاشة، أو حتى إذا سحبت الصورة من الموقع الموجود عليها وحملتها على جهازك، فنحن هنا لا ننظر إلى الصورة نفسها، وإنما الفكرة من مقتنيات NFT أنه يتم تسجيل ملكيتك لها، وذلك عن طريق إضافة الرموز البرمجية التي تثبت ملكيتك لهذا المقتنى داخل الصورة نفسها، وهنا تكمن القيمة الحقيقية لهذه المقتنيات!

ما العلاقة بين “الميتافيرس” وNFTs؟

أعتقد أنه لا توجد إجابة محددة على هذا التساؤل الذي طرحته للتو، ربما لا توجد علاقة مباشرة من الأساس، ولكن في نفس الوقت أعتقد أن سبب اهتمام المجتمع بمحتوى NFTs يعود بشكل أساسي إلى “الميتافيرس” والدليل على ذلك هو اشتهار الـ NFTs بكثرة بعد إعلان مارك زوكربيج عن “مشروعه الجديد” إن صح التعبير، مشروع “الميتافيرس”.

ما يروج له زوكيربيرغ هو عالم افتراضي تعيش فيه بشخصية افتراضية لتقابل بها أصدقاءك الافتراضيين، ولأن الهدف من هذا المشروع هو ربحي لأبعد حد، فستحتاج إلى أن تقوم بشراء أزياء لشخصيتك الافتراضية تلك، وما الأفضل من مقتنيات NFT لتتزين بها في الميتافيرس!

وحتى قبل أن ندخل بشكل رسمي في الميتافيرس، رأينا بالفعل هوس المشاهير بشراء مقتنيات NFTs، والتي دفعتنا إلى تقبل حقيقة أننا مقبلون على العيش في عالمٍ رقميّ بالكامل، وما سيميز الشخص عن غيره هي أزياؤه وما يمتلكه من تلك الأشياء، كل هذه تكهنات، ولكنيّ شخصيًا أرى أنها منطقية، ماذا عنك؟

تويتر يطلق البداية لمقتنيات NFT حتى قبل الميتافيرس!

أعلن تويتر بداية عصر الـ NFT حتى قبل اقتحامنا لعالم الميتافيرس، فحتى الآن، يعتبر تويتر هو الداعم الأقوى للرموز غير القابلة للاستبدال، وقد رأينا ذلك عند إعلانه بشكل رسمي عن دعمه لإمكانية ربط حسابك الشخصي بممتلكاتك الرقمية (NFTs) بل وتثبيت ما ترغب به من تلك الممتلكات كصورة شخصية لحسابك، ما شجع المشاهير والأغنياء بشكل عام لتغيير صورهم بصور قرود رقمية بملايين الدولارات.

بل وتم تعميم الأمر وجعله طبيعيًا لدرجة أن صفحة “مركز المساعدة” Help Center الخاصة بالمنصة قد خصصت صفحة كاملة للحديث عن الـ NFTs وكيف يمكن للمستخدمين أن يغيروا صورهم إلى تلك الصور العجيبة، ليس هذا فحسب، بل وصل الأمر بجاك دورسي -مؤسس تويتر السابق- إلى بيعه لأول تغريدة له على الموقع بقيمة 2 مليون دولار!

لا نعرف سبب انتشار الـ NFTs على تويتر دونًا عن غيره من منصات التواصل الاجتماعي، ولكن هذه الحقيقة، ويبدو أن تويتر ستكون هي البداية الحقيقة لانتشار هذه الظاهرة، وستكون الانطلاقة الأكبر للرموز غير القابلة للاستبدال ومن هذه الخطوة، لن تصبح الأمور كما كانت عليه إطلاقًا، فقد تغلغلت الممتلكات الرقمية في حياتنا بفضل تويتر، وأصبحت الآن شيئًا طبيعيًا، وأصبحت القردة الرقمية منتشرة حولنا كـ “تريند” يقوم الجميع باتباعه.

أغلب المشاهير، وخصوصًا المغنيين قاموا بالفعل بتبني تلك الموضة، ونحن هنا نتحدث عن شخصيات بارزة كـ”سنوب دوج“، تيمبالاند، مارشيملو، بوست مالون، وحتى إيلون ماسك رأيناه يقوم ببيع أغنية كمقتنى NFT، بغض النظر أنه عارض فكرة تغيير الجميع لصورهم الشخصية بمقتنيات NFT ووصفها بالشيء “المزعج”.

سل نفسك عن السبب الذي يجعل لاعبًا مثل نيمار يشتري صورتين لقردين بحوالي مليون ومئة ألف دولار أمريكي، أو عن السبب الذي يجعل مغني الراب الشهير “إمينيم” يغير صورته -هو وغيره من المشاهير- على تويتر إلى قرد يشبهه بعد أن اشتراه بمبلغ 450 ألف دولار، لن تجد إجابة واضحة إلا أنها طريقة للتمييز والتفاخر بثرواتهم، وهو “ديمو” صغير لما ينتظرنا في الميتافيرس.

نايكي وأديداس كذلك يتبنيان فكرة NFTs

ولاقتناص السبق، قررت الشركات العالمية مثل أديداس ونايكي أن يدخلا سباق الـ NFTs سريعًا واستغلا الأمر وبدأت نايكي خطوتها الأولى، وذلك عن طريق الاستحواذ على شركة RTFKT المسؤولة عن بيع الأحذية الافتراضية وبعض المقتنيات الأخرى التي تربط بين الموضة وألعاب الفيديو، والتي أعلنت نايكي بالمناسبة أنها تخطط للاستثمار في الشركة وزيادة حجمها واسمها وبالتالي تبيع المزيد من NFTs.

أما عن شركة أديداس، والتي تضع صورة NFTs لحسابها الرسمي على تويتر بالمناسبة، قد باعت في ديسمبر الماضي حوالي 620 “قطعة” من مقتنيات NFT بعد ساعات أولى قليلة من جعلهم متاحين للعامة. كل “قطعة” NTF كانت بحوالي 0.2 إيثيريوم (عملة رقمية، وهكذا يتم شراء أو بيع الـ NFTs لأنها مبينة على سلسلة الكتل Blockchain كما ذكرنا) وهذا ما يوازي -وقتها- حوالي 756 دولارًا أي أنها باعت بحوالي 22 مليون دولار كمبلغ إجمالي، وتذكّر أننا هنا نتحدث عن أحذية افتراضية!

الحقيقة والخيال: وجهان لعملة واحدة، مظلمة

بنظرة متفحصة على التاريخ غير الخطي للتكنولوجيا، ستكتشف أن الأمور جرت بسرعة لم نكن لنتوقعها. كلُ يوم يخرج علينا مبتكر جديد بأفكار ثورية، المعظم يفشل، ولكن ما ينجح يكفي ويفيض.

في منتصف الثمانينات سمعنا مصطلح الواقع الافتراضي Virtual Reality (VR) لأول مرة عندما أطلق الباحث “Jaron Lanier” ذلك المصطلح على الأدوات التي طورها وقتها والتي كانت تُعد طفرات لم يسبق أن رأيناها؛ مثل النظارات الواقعية والتي تُستخدم في التجارب الكيميائية وغيرها، ومثل القفازات الواقية أيضًا. تلك الاختراعات كانت بدائية جدًا وقتها وبالمقارنة بينها وبين ما وصلنا إليه الآن لن نملك خيارًا آخر سوى الضحك.

وبالنظر إلى تطبيقات الواقع الافتراضي الآن والتي تمتد من المجال العسكري، والطبي، والرياضي، وغيره، سنرى أننا قطعنا شوطًا طويلًا للغاية، وها نحن الآن نرى دربًا آخر من الخيال بفضل مؤسس الفيسبوك (إحم أقصد ميتا..) والذي يرى أننا يمكننا أن نندمج واقعيًا مع التكنولوجيا، ورأينا أيضًا تقارير ومقالات عالمية تُصدق على كلام زوكربيرج.

تغلغلت التكنولوجيا في حياتنا اليومية وأصبح من السهل أن تقوم الآلة باستبدالنا في الكثير من الوظائف والمهام. أصبح للشركات نظامها الذكي الذي تأمره بشيء ما يفعله لك، وأحيانًا يتآمر عليك مثلما رأينا ما فعلته “Alexa” مع طفلة ذات عشرة أعوام عندما طلبت منها الطفلة أن تتحداها فاقترح عليها الذكاء الاصطناعي أن تضع نقود معدنية على شوكتي شاحن كهربائي أُدخل نصفها في مقبس للكهرباء، وهذا الأمر كاد يودي بحياة الطفلة! هذا ما نراه من التكنولوجيا وتطورها، فما ظنك باندماجنا معها؟ أعتقد أننا يجب أن ندرس الأمر آلاف المرات قبل المُضيّ قُدمًا في طريق لا رجعة فيه.

ما ينتظرنا ليس تطورًا وإنما عالم للأغنياء يقومون فيه بالتباهي بثرواتهم بشكل رقمي

لعلك أصبحت قادرًا على تخيل هذا الأمر منذ الآن بالفعل، فقد استعرضنا كيف يقوم المشاهير وأصحاب الثروات بالدخول إلى عالم مقتنيات NFT ويصرفون ملايين الدولارات على صور قردة فقط لأنها تشبههم، وآخر من قام بهذا الأمر كان المغني الشهير جاستن بيبر، عندما قام مؤخرًا بشراء قرد رقمي مقابل 1.3 مليون دولار (500 عملة إيثر)، مما يجعلنا نتساءل، هل هذا هو المستقبل الذي ننتظره؟ عالم افتراضي لا مكان فيه إلا للمشاهير وأصحاب الثروات؟ لا نعتقد أن هذا هو المستقبل الذي قد يتطلع له أي أحد، مستقبل تقوم فيه بصرف الملايين على صور رقمية، وتشتري الأزياء لشخصيات افتراضية، مستقبل يعتمد على محاكاة العالم الواقعي الذي نعيشه بالفعل، ما الفكرة من هذا؟

اقرأ المزيد: ميتا تنهي برنامج الإنترنت المنخفض التكلفة للبلدان النامية

اقرأ المزيد: “ميتا” تكشف التوجهات الاجتماعية التي ستصيغ شكل الأعمال عام 2022

التعليق بواسطة حساب الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى