قال عالم الفيزياء البريطاني الراحل ستيفن هوكينغ تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل يمكن أن يكون بمثابة نهاية الجنس البشري؛ فالذكاء الاصطناعي سينطلق من تلقاء نفسه، ويعيد تصميم نفسه بمعدل متزايد باستمرار، أما البشر فهم محدودون بالتطور البيولوجي البطيء، ولا يمكنهم التنافس مع الذكاء الاصطناعي، وعلى الأرجح سيتمكن من استبدالهم”.
وفي كتابه الجديد “حكم الروبوتات.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي كل شيء في حياتنا” (Rule of the Robots: How Artificial Intelligence Will Transform Everything) يقول الكاتب الأميركي مارتن فورد إن “الروبوتات لن تغير بعض الأشياء أو كثيرا من الأشياء في حياتنا، بل ستغير كل شيء بالمعنى الحرفي للكلمة”.
ويؤكد مارتن فورد في كتابه أن “الثورة الحقيقية لم تأت بعد، فما زلنا في إرهاصاتها الأولى فقط”.
ومن الواضح أن ما قاله فورد أمر واقع لا محالة، ويكاد يكون حتمية تاريخية، وذلك مع التطور الكبير الذي تشهده حياتنا على كافة الصعد، في ظل الثورة الصناعية الرابعة التي تعمل على تغيير كل شيء من حولنا، فنحن الآن نعمل ونتعلم ونشتري ونبيع ونتواصل رقميا في عالم افتراضي يكاد يطغى على عالمنا الواقعي الذي لم يعد واقعيا على الإطلاق، ومع دخول “ميتافيرس” (Metaverse) فإن التغير سيأخذ أبعادا أخرى قادمة لا نكاد نتخيلها.
وفي الحقيقة، فإن ما قاله ستيفن هوكينغ حول سيطرة الذكاء الاصطناعي والروبوتات على حياتنا قد لا يجافي الحقيقة القادمة، فالتغير يطول كل شيء، وقد وصل إلى قطاعات لم نكن نتخيلها من قبل مثل القطاع الرياضي، حيث تعمل التكنولوجيا الجديدة على تغيير الطريقة التي نعيش بها حياتنا إلى ما لا نهاية، وتعد الرياضة واحدة من أكبر الساحات التي يتم اللعب فيها حاليا.
رياضات تكنولوجية جديدة
ولكي نتخيل جدية الموضوع فقد وضعت “رابطة كأس العالم للروبوتات” (RoboCup Humanoid League) -على سبيل المثال- هدفا لها، وهو أنه بحلول عام 2050، “سيفوز فريق من لاعبي كرة القدم الروبوتيين المستقلين بالكامل بمباراة كرة قدم،
وفقا للقواعد الرسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ضد الفريق “البشري” الفائز في كأس العالم الأخيرة”.
وبفضل الذكاء الاصطناعي والخوارزميات وغيرها من الابتكارات التكنولوجية، تنطلق الرياضات الجديدة عالية التقنية في جميع أنحاء العالم، من الروبوتات التي تدخل الميدان للعب كرة القدم، إلى الطائرات المسيرة التي يتحكم فيها اللاعبون لتتسابق مع بعضها البعض مثلها مثل البشر، وتثبت الآلات يوما بعد يوم أن لها خطا تنافسيا جديدا خاصا بها، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي الآن إنشاء رياضات جديدة من الصفر، بدءا من إستراتيجية اللعبة وقواعدها إلى تخطيط الملعب الذي تجري عليه المباريات، مؤخرا، حيث تستعرض الكاتبة أبرز الرياضات التقنية الجديدة التي تبدو كأنها قادمة من المستقبل أو عوالم أخرى، لكنها موجودة بالفعل.
كرة قدم الطائرات المسيرة
أول الرياضات التي تستعرضها الكاتبة في تقريرها رياضة “كرة القدم من دون طيار”، حيث تسجل الفرق المكونة من 3 إلى 5 لاعبين نقاطا عن طريق إطلاق طائراتهم “المهاجمة” من خلال مرمى الخصم، في حين تحاول طائرات الدفاع صدهم، ومنعهم من تسجيل الأهداف، وتتكون المباراة الواحدة من 3 أشواط، مدة كل شوط 3 دقائق من اللعب المكثف، حيث يجب على اللاعبين أن يزنوا مدى وشدة طيرانهم، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم إلحاق الضرر بطائراتهم.
كرة قدم الروبوتات
كأس العالم “روبو كب” (RoboCup) هي مسابقة كرة القدم للروبوتات المستقلة، وهناك العديد من البطولات الفرعية التي تجري خلالها، حيث يجب على الروبوتات ذات الأحجام المختلفة اتخاذ قرارات مستقلة أثناء التواصل بشكل فعال مع زملائها من الروبوتات في الفريق.
وتوضح الكاتبة أن هذه المسابقة مزدوجة كمشروع علمي دولي ضمن ما تسمى “رابطة كأس العالم للروبوتات”. وعلى سبيل المثال، يدرس الباحثون فيها التحديات التي تواجه الروبوتات أثناء ممارسة اللعبة، مثل المشي الديناميكي والجري وراء الكرة وركلها، مع الحفاظ على التوازن والإدراك البصري للكرة والعمل الجماعي بين أعضاء الفريق.
لقد قطعت الروبوتات شوطا طويلا منذ أول كأس للروبوتات عام 1997، حيث شارك حينها 40 فريقا، وتابعها أكثر من 5 آلاف متفرج، لكن الروبوتات وقتها واجهت صعوبة في العثور على الكرة والتحرك بشكل سلس داخل الملعب.
فقد شارك في كأس العالم للروبوتات العام الماضي 2021 أكثر من 300 فريق، والآن يمكن للروبوتات “العثور على الكرة بمهارة، والتحرك بسرعة كبيرة داخل الملعب، وإظهار سلوك العمل الجماعي أثناء المباراة.
سباق الطائرات المسيرة
في هذا السباق يوجه اللاعبون الطائرات المسيرة عبر حلبات السباق وهم يرتدون نظارات خاصة تبث مباشرة من كاميرا الطائرة، حيث يشعر اللاعبون بأنهم يطيرون بداخلها.
ويشارك طيارو النخبة المدربون جيدا في دوري سباقات الطائرات المسيرة للمحترفين العالميين “دي آر إل” (DRL) بطائرات مصممة خصيصا لهذا الغرض، حيث تصل سرعتها إلى 145 كيلومترا/الساعة، ويتم بث السباق مباشرة عبر التلفاز من قبل الشبكات الكبرى.
ويُعتقد أن سباقات الطائرات المسيرة بدأت في أستراليا عام 2010، عندما كان الطيارون يعلقون الكاميرات في طائراتهم المسيرة ويتسابقون عبر الحدائق والساحات الخلفية، وذلك حسب ما قاله الرئيس التنفيذي ومؤسس “دي آر إل” نيكولاس هورباتشوسكي. ومنذ ذلك الحين، ساعد “دي آر إل” في إدخال الرياضة إلى التيار الرئيسي، وبعد 6 سنوات من الإطلاق الرسمي للدوري في عام 2016، أصبح لهذه الرياضة الآن 75 مليون مشجع عالمي نشط، كما ذكرت الكاتبة.
سبيد غيت
تقول أورييه إن هذه الرياضة لا تتطلب تكنولوجيا متقدمة لممارستها، ولكنها لعبة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتجمع بين رياضات الكريكيت والرجبي وكرة القدم، مع ملعب يتكون من 3 دوائر مسورة موضوعة في خط واحد، وتلعب من خلال 3 أشواط مدة كل شوط 7 دقائق، وفيها فريقان، ويقوم فريق -المكون من 6 أفراد- بتمرير كرة، إما رميها أسفل الخصر أو ركلها، بهدف إدخال الكرة في المرمى.
وتم استخدام “خوارزميات التعلم العميق” في تصميم هذه اللعبة وقواعدها وقوانينها، كما تم الاعتراف رسميا بهذه اللعبة من قبل هيئة ولاية أوريغون الرياضية، وتنمو الآن لتصبح اتحادا جامعيا على مستوى الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد: سلسلة مطاعم صينية تستخدم روبوتات لتقديم الطعام
اقرأ المزيد: روبوت يجري عملية جراحية على الخنازير للمرة الأولى على الإطلاق