ماذا سيحدث في العالم إن توقف نظام تحديد المواقع GPS عن العمل؟ إن كنت تتخيل أن العالم لن يتأثر إن تعطل نظام الملاحة العالمي GPS إلا من بعض الحوادث بسبب توقف إمكانية تحديد المواقع، فأنت على خطأ! لنظام تحديد المواقع أهمية أكبر بكثير من مجرد ما يوحي به اسمه!
إقرأ المزيد : مبيعات تسلا تساعد المملكة المتحدة فى الوصول لحصة جديدة بسوق السيارات الكهربائية
المرة الأخيرة التي فشل بها نظام تحديد المواقع بعمله!
في شهر يناير من عام 2016، تسبب خطأ بسيط بأحد الأقمار الاصطناعية الخاصة بنظام تحديد المواقع العالمي GPS بتحميل طابع زمني غير صحيح إلى عدة أقمار أخرى في الكوكبة، ما جلعها غير متزامنة بحوالي 16 مليون جزء من الثانية أو أقل مما يستغرقه صوت طلقة نارية لمغادرة الغرفة!
هذا الخطأ الدقيق تسبب بتعطيل معدات التوقيت المعتمدة على نظام تحديد المواقع حول العالم لأكثر من 12 ساعة.
في حين أن المشكلة مرت دون أن يلاحظها أحد من قبل العديد من الناس بفضل أنظمة النسخ الاحتياطي قصيرة المدى، قام المهندسون المذعورون في أوروبا بالاتصال بصانعي المعدات للمساعدة بحل الأمور قبل أن تبدأ شبكات الاتصالات العالمية بالانهيار.
في أجزاء من الولايات المتحدة وكندا، توقفت أجهزة الراديو الخاصة بالشرطة والإطفاء عن العمل. توقف راديو بي بي سي الرقمي لمدة يومين في العديد من المناطق، وتم اكتشاف الشذوذ في شبكات الطاقة الكهربائية.
كل ذلك حصل بسبب خطأ قد نجده طفيفًا لا يُذكر في نظام تحديد المواقع GPS!
GPS ليس لتحديد المواقع وتتبع الخرائط كما تتوقع!
بالرغم من اسمه، إلا أن نظام تحديد المواقع لا يتعلق بالخرائط؛ إنما بالوقت. كل قمر اصطناعي في الكوكبة المسؤولة عن ذلك لديه عدة ساعات ذرية على متنه، متزامنة مع بعضها البعض ومع التوقيت العالمي المنسق UTC – الوقت القياسي المستخدم في جميع أنحاء العالم – وصولًا إلى النانو ثانية.
تبث الأقمار الصناعية باستمرار معلومات الوقت والموقع على الأرض، حيث تحصل أجهزة استقبال GPS في الأجهزة والمعدات على إشارات وتستخدم الفروق الضئيلة في وقت وصولها لتحديد الموقع الدقيق.
بينما تم تصميم نظام تحديد المواقع العالمي في البداية للمساعدة في التنقل، أصبح الوقت المتزامن عالميًا الآن وظيفة أكثر أهمية للنظام.
تعتمد شبكات الاتصالات على ساعات نظام تحديد المواقع العالمي للحفاظ على تزامن الأبراج الخلوية بحيث يمكن تمرير المكالمات بينها.
وتستخدم العديد من شبكات الطاقة الكهربائية الساعات في المعدات التي تضبط تدفق التيار في الشبكات المثقلة بالأعباء. يستخدم القطاع المالي كذلك أنظمة توقيت مشتقة من نظام تحديد المواقع العالمي لإضفاء طابع زمني على أجهزة الصراف الآلي وبطاقات الائتمان ومعاملات السوق عالية السرعة.
مزامنة شبكة الكمبيوتر، التلفزيون والراديو الرقمي، تقارير الطقس بالرادار الدوبلري، المراقبة الزلزالية، حتى التسلسل متعدد الكاميرات لإنتاج الأفلام – نظام GPS له يد في كل شيء تقريبًا!
لكن فشل النظام في يناير 2016 يطرح سؤالًا غالبًا ما يتم تجاهله: ماذا لو تم القضاء على جميع أجهزة الراديو التي تعمل بساعة الطيران، وبدأ كل شيء على الأرض من الساعة 12.00 ؟
وفقًا لمايك لومباردي، عالم المقاييس في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا: “لا أحد يعرف بالضبط ما سيحدث. نظرًا لأن العديد من هذه التقنيات قد تم تصميمها خصيصًا مع وضع نظام تحديد المواقع العالمي في عين الاعتبار، فإن الحقيقة المقلقة، كما يقول، هي عدم وجود نسخة احتياطية”.
ماذا لو توقف نظام تحديد المواقع GPS عن العمل ؟!
في الواقع، هناك العديد من الأسباب لفشل نظام GPS، وأحد أبرز هذه الأسباب هو الهجوم المتعمد.
واحدة من أكثر المشاكل الأساسية في النظام هي أن إشاراته ضعيفة بما يكفي ليتم إعاقتها بسهولة.
فالعديد من أجهزة التشويش رخيصة الثمن قادرة على إلحاق الضرر بنظام تحديد المواقع وتقديم معلومات متغيرة عن الوقت أو الموقع للمستخدمين.
يمكن أن تؤدي أجهزة التشويش المخفية المتعددة إلى شل خدمة الهاتف المحمول، وكذلك إجبار أقسام الإطفاء والشرطة وطب الطوارئ على العودة إلى القنوات القديمة أحادية التردد.
لا يمكن شراء الإمدادات في هذا السيناريو إلا في العديد من الأماكن نقدًا، والتي ستكون محدودة بدون خدمة أجهزة الصراف الآلي.
وفقًا لتقرير وزارة الأمن الداخلي، قد يستغرق الأمر 30 يومًا أو أكثر قبل تحديد موقع الأجهزة الخبيثة وتعطيلها. كلما استغرق الأمر وقتًا أطول، زاد عدد الأنظمة التي سيتم اختراقها.
أما عن الأخطاء غير المقصودة، فهي عديدة، كالحطام الفضائي والطقس الفضائي والبرامج المعيبة والأخطاء البشرية وأشياء أخرى، يمكن أن تؤثر على النظام وتؤدي لتعطله.
بدائل نظام تحديد المواقع العالمي
تعتبر الساعات الذرية بحجم فلس واحد تقنية جديدة واعدة يمكنها الاحتفاظ بالوقت لمدة يوم تقريبًا، ولكنها حاليًا باهظة الثمن بحيث لا يمكن نشرها على نطاق واسع.
بالإضافة لذلك، هذه الساعات معرضة للتعطل. فقد توقفت العام الماضي 9 ساعات ذرية عبر 18 قمرًا اصطناعيًا ضمن مدار غاليليو عن العمل دون سابق إنذار.
كما أبلغت الهند عن فشل 7 ساعات ذكرية من الساعات الـ21 التي لديها في كوكبة سواتل الملاحة.
ذلك يسلط الضوء على الحاجة الماسة لبدائل غير ساتلية للاعتماد عليها في حال وقعت الكارثة وتوقف نظام الملاحة العاملي GPS عن العمل.
نظام LORAN
قبل نظام تحديد المواقع العالمي، استخدم الملاحون في جميع أنحاء العالم مساعدات طويلة المدى للملاحة، أو “LORAN”، وهو نظام أرضي من أجهزة الإرسال ومعدات الاستقبال تم تطويره لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية.
بحلول منتصف التسعينيات، وفرت “سلاسل الأبراج” لوران تغطية لأمريكا الشمالية وأوروبا ومناطق أخرى في نصف الكرة الشمالي.
انخفض استخدام النظام لصالح نظام تحديد المواقع العالمي الأدق (GPS) بعد أن أصبح متاحًا للاستخدام المدني في عام 1995، لكن خفر السواحل الأمريكي واصل العمل على نظام محسن باستخدام البنية التحتية الحالية.
بالرغم من النظام قد عفا عليه الزمن، لكن بالإمكان تطوير نسخة محسّنة من LORAN والاعتماد عليه في الملاحة وتحديد المواقع، على الأقل حتى يتم تدارك العطل وإصلاحه في نظام تحديد المواقع.
في النهاية.. هناك أمر واحد لا جدل فيه، وهو أن العالم لن يظل كما هو عليه لو تعطّل نظام GPS بفعل فاعل أو بسبب خطأ غير مقصود.
حتى وإن كان احتمال حدوث ذلك 1 في المليون، لكن لابد من تطوير نظام بديل لتجنب الكارثة قدر المستطاع.
إقرأ المزيد : T-Mobile تحظر بعض مستخدمي آيفون من هذه الخدمة