لماذا بدأت جوجل بتطوير معالجاتها الخاصة رغم وجود شركات مختصة بالأمر؟ في حال قمت بجمع هاتف من كل شركة تعمل في سوق الهواتف الذكية اليوم، ونظرت إلى نوع الشرائح المستخدمة فيها. ستلاحظ أولاً بعض التنوع، حيث تعمل هواتف أيفون بمعالجات سلسلة A. فيما تستخدم معظم هواتف سامسونج معالجات Exynos التي تطورها الشركة. وحتى هواوي كانت تمتلك خط معالجات خاصاً بها هو Kirin HiSilicon. لكن وبالنسبة لجميع المتبقين تقريباً ستشاهد اسمين أساسيين: MediaTek وQualcomm Snapdragon.
اقرا المزيد:تويتر تواصل تطوير مشروعها للشبكة الاجتماعية اللامركزية
لوقت طويل للغاية كانت Qualcomm ولا تزال اللاعب الأكبر في مجال شرائح الهواتف الذكية. حيث أن معالجات Snapdragon الخاصة بها مستخدمة على نطاق واسع وحتى أنها موجودة في بعض هواتف سامسونج. وعندما تسمع بشركة هواتف جديدة، يمكنك الرهان بأن الشركة ستستخدم معالجاً من Qualcomm او MediaTek. لكن الآن يبدو أن جوجل خارجة عن القطيع، وبعد سنوات عديدة من استخدام المعالجات من السوق، فهي تطور معالجاتها بنفسها لتضعها في هواتف Pixel 6 القادمة.
قد يبدو الأمر غريباً للغاية. حيث أن شركة Qualcomm لا تظهر أي ضعف حقيقي بالأداء أو المواصفات مؤخراً. كما أن جوجل ليست شركة ذات وصول هائل للمصانع كما سامسونج التي تمتلك بعضاً من أكبر مصانع الشرائح في العالم. لكن في الواقع هناك سبب منطقي لتصرف جوجل.
القياس الواحد ليناسب الجميع لم يعد يناسب الجميع حقاً
عبر السنوات كان هناك معيار واحد أساسي للنظر إلى المعالجات: ما هو أقصى أداء يمكن الحصول عليه منها؟ ما هو التردد الأقصى وعدد النوى؟ وكم سيكون المعالج سريعاً عند تركيب صورة أو ربما مونتاج فيديو. وبالنتيجة تبدو شرائح سوق الهواتف من الشركات الكبرى كما لو أنها نفس الشريحة لكن بقياسات أداء مختلفة. حيث لا توجد اختلافات بنية أو تركيب حقيقية، وجميعها مصنوع بنفس الطريقة تقريباً.
طوال السنوات لم يكن هذا الأمر مشكلة لأن استخدامات الهواتف متشابهة إلى حد بعيد ولا حاجة للتخصص. بل من الأفضل وجود معالج واحد “عام” يتولى جميع المهام حتى ولو كان أقل كفاءة ربما في بعض منها. حيث كانت الأولوية لأقصى أداء عام ممكن لأن السباق نحو السرعة كان مستمراً.
اليوم تغيرت قواعد اللعبة. ولم تعد سرعة الأداء محصورة بمعالجات الفئة العليا بالضرورة، بل باتت معالجات الفئات المتوسطة وأحياناً الدنيا كافية حتى. وبدلاً من التركيز المعتاد على الحصول على المزيد من القوة الخام والأداء العام، بات هناك اتجاه للتخصص.
أحد أمثلة ذلك هو “المحرك العصبي” المستخدم لغايات الذكاء الاصطناعي في معالجات هواتف أيفون الأخيرة مثلاً. حيث أن هذا المحرك العصبي لن يمنحك المزيد من الإطارات في الألعاب ولن يسرع إقلاع الهاتف. لكنه شديد الفعالية في الاستخدامات التي صمم لأجلها ومنها التعرف على الصوت البشري مثلاً.
مع نمو التركيز على الحاجات المتخصصة لن تعود المعالجات المعتادة قادرة على تغطية الحاجات المتزايدة لكل هاتف على حدة. ويبدو أن جوجل مدركة لذلك لذا تعمل على أن يكون معالجها مناسباً لما تريده هي.
ربما لن تبقى الهواتف متشابهة كما هي الآن
منذ بدأت جوجل بإطلاق هواتف Pixel منذ سنوات كان هناك تحول كبير للشركة. حيث باتت الشركة مركزة على التصوير وبوضوح، وبعد سنوات من الأداء المخيب لكاميرات هواتف Nexus منها، باتت هواتف Pixel رائدة في المجال. وأتى جزء كبير من نجاح كاميرات هذه الهواتف من استخدام جوجل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في المعالجة اللاحقة للصور. وحتى مع أن كاميرات هواتف الشركة جيدة من حيث العتاد، فهي لا تضاهى برمجياً.
يمكن ملاحظة تفوق الشركة من حيث معالجة الصور من كون تطبيق Google Camera يصنع صوراً مذهلة حتى على هواتف رخيصة مع كاميرات سيئة عادة عندما تم تعديله للعمل عليها (بشكل غير رسمي بالطبع).
حالياً ومع الحرية الأكبر ببناء معالجاتها الخاصة، ستتمكن جوجل أخيراً من السير بخطى أوسع نحو أهدافها. فإن أرادت كاميرا أفضل بالاعتماد على المعالجة التالية، لن تبقى محدودة بقيود عتاد Qualcomm بل تستطيع رفع السقف إلى الحد الذي يناسبها هي.
بالطبع ومقابل تركيز جوجل على الكاميرا والتصوير في معالجها، من غير المستبعد أن نشهد معالجات مخصصة من شركات أخرى للتركيز على الألعاب مثلاً. حيث يمكن التضحية ببعض نوى المعالجة المعتادة وربما معالج الصور المخصص نفسه مقابل معالج رسوميات أفضل.
لا شك بأن هذا التنوع سيجلب الكثير من الفوائد لعالم الهواتف الذكية والتقنية ككل. لكن من الممكن أن يصبح تمييز الفوارق بين الهواتف أصعب ربما. حيث لن تعود المقارنة بسيطة بمجرد النظر إلى نوع المعالج المستخدم أو بالاعتماد على تطبيق اختبار مثلاً.
اقرا المزيد:ميزة تجريبية على أندرويد تستخدم تعبيرات الوجه للتحكم فى الهاتف