التسويق الذكي.. كيف تؤثّر تقنيات الذكاء الاصطناعي على قطّاع التسويق؟ بعد أزمة وباء كورونا التي استنفذت الاقتصاد العالمي على مدار عامين ولا تزال آثارها مستمرة، فإن التعافي من الأزمة يتطلّب حلولًا قوية خارج الصندوق، ومنذ بدء تعافي العالم من هذه الأزمة وجدت الكثير من التقارير الاقتصادية منها الصادر عن GBSN Research أن ثلاثة أرباع قادة الأعمال لديهم نظرة إيجابية شديدة التفاؤل بشأن دور الذكاء الاصطناعي في التسويق ليس فقط في مجال زيادة كفاءة الوصول للمستهلك ولكن أيضًا في التوصّل إلى خدمات ومنتجات جديدة تلقى المزيد من القبول.احتاجت الشركات بأنواعها سواء الصغيرة والكبيرة إلى فهم هوية عملائها المستهدفين وكيفية تأثير الوباء على سلوكهم، وقد ساهم الذكاء الاصطناعي في تحقيق الكثير من الفوائد واختصار الكثير من الوقت الذي كان سيضيع إذا تمت هذه الدراسات يدويًا أو على يد من ليس لديهم خبرة كافية بالتسويق.
اقرا المزيد:أفضل شبكات التسويق بالعمولة في المنطقة العربية
آمال كثيرة مُعَلّقة على الذكاء الاصطناعي!
أوضحت الكثير من التقارير أنّ استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل التعلّم الآلي ارتفع من نحو 20% عام 2020 إلى أكثر من 60% عام 2021 هذا رغم حقيقة أن ما يزيد عن 65% من كبار المديرين التنفيذيين لا يعرفون بالضبط كيفية عمل الذكاء الاصطناعي وطريقة اتخاذه للقرارات.
لذا تشير هذه الطفرة الهائلة خلال عام واحد على اعتماد كامل على الذكاء الاصطناعي في المستقبل ليس فقط في التسويق وحسب ولكن في مختلف المجالات سواء الصحية أو التعليمية أو المنتجات والخدمات وحتى في السفر والتنقلات وغيرها.
كيف يؤثّر الذكاء الاصطناعي على قطّاع التسويق بعد الوباء؟
مع القدرة الكبيرة للذكاء الاصطناعي على جمع البيانات وتحليلها والتعلّم منها أيضًا من المتوقع حصول تطورات هائلة في استراتيجيات التسويق الرقمي وفي مجموعة أدوات التخطيط لها، وقد ساهم فعليًا الذكاء الاصطناعي في تغيير شكل وطريقة التسويق عقب أزمة وباء Covid-19، ومن المتوقع أن تتطوّر هذه التأثيرات في الأيام القليلة المقبلة، ومن أبرز تأثيرات هذه التقنية على عالم التسويق:
القدرة الفائقة على تحليل البيانات وتصنيف المعلومات
وهي قدرة ليست جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي ولكن استخدامها في التسويق شهد طفرة عمومًا في الألفية الثالثة مع منصّات التواصل الاجتماعي وخصوصًا بين عامي 2020- 2021 بعد انتشار الوباء، فأنت تلاحظ الآن أنه بمجرد كتابة كلمة على جوجل Google للبحث عن سلعة ما تجد إعلاناتها على صفحات التواصل الاجتماعي الخاص بك، فهذه الفكرة قائمة على جمع المعلومات السلوكية المتوفّرة عن العملاء المتوقعين لتوجيه حملات خاصة بكل فرد وليست عامة مثلما كان الحال سابقًا، بل حتى الأدوات التي تستخدمها في عملك والألعاب والمواقع التي تزورها، تجتمع هذه المعلومات في قاعدة بيانات ضخمة يتم تحليلها بسرعة فائقة للتعرّف على أفضل أشكال الإعلانات التي تجذبك لشراء المنتجات والخدمات.
ارتباط وثيق بين الذكاء الاصطناعي وتقنية الواقع المعزز AR
الارتباط بين الذكاء الاصطناعي والواقع المعزّز يؤدّي إلى تجربة فائقة الخصوصية سواء للمستهلكين أو العاملين في الإنتاج، فمثلًا عندما قرّرت شركة Coca Cola الجمع بين التقنيتين معًا استطاع الفنّيين التعرّف على المعدّات الواجب صيانتها إضافةً إلى تسهيل إجراء الإصلاحات.
وأدّت هذه التجربة بدورها إلى تفاعل أكبر من قبل المستهلكين مع العلامة التجارية فقد تعرّفوا على آلية عملها وآلية حل المشاكل التي تواجهها الأمر الذي يعزّز الولاء للعلامة التجارية والذي يعتبر هدفًا حقيقيًا من أهداف الشركة، فعندما يكون هناك ولاء بين المنتَج والمستهلك فلن تحتاج الشركة إلى بذل ذلك الجهد لترويج منتجاتها فقد أصبح المنتج جزءًا من الروتين اليومي للأشخاص.
حملات تسويقية أفضل
تساهم الأتمتة في رفع مستوى كفاءة الحملات التسويقية الحالية بالفعل، فعندما يتفاعل المستهلك مع الإعلان ويتواصل مع الشركة للحصول على خدماتها فإن وسائل مثل البريد الإلكتروني الترحيبي تزيد من قدرة الشركة على الاحتفاظ بالعملاء وتحقيق الكثير من المبيعات في وقت أقل وتحصد هذه الرسائل أعلى معدّلات الفتح والتفاعل بما يصل إلى 60-70% ويمنح صورة أكثر وقارًا ومهنية عن الشركة.
وبدلًا من الاعتماد على العنصر البشري في مهمة إرسال هذه الرسائل الترحيبية أو الدعائية وغيرها فإن الذكاء الاصطناعي حقّق نتائج باهرة في هذا الخصوص سواء لتجديد صورة المنتج لدى العملاء أو تقسيم قائمة المشتركين وإرسال رسائل خاصة بكل قائمة أو غيرها مما يوفّر الكثير من الوقت، كما يمكن للأتمتة أيضًا زيادة فعّالية حملات التسويق عبر البريد الإلكتروني من خلال السماح بإرسال رسائل معيّنة إلى العملاء يتم إرسالها إذا قام العميل بإجراء معين أو فتح صفحات محدّدة.
روبوتات الدردشة
تحقّق خدمة عملاء الذكاء الاطناعي سهولة أكبر في الاستخدام ونتيجة أفضل مقارنة بخدمة العملاء البشرية وتتمتع أيضًا بمجموعة من المزايا، فبدلًا من التحدّث مع عميل واحد فقط يمكن لربوتات الدردشة أن تجيب على أكثر من استفسار في الوقت ذاته، كما لا تحتاج ربوتات الدردشة إلى أي راحة أو إجازات وتتمكن من الرد على مدار الساعة، كما يمكن للعملاء اختيار اللغة التي يريدون التحدّث بها، وقد بدأت الكثير من العلامات التجارية بالفعل بالتواصل مع عملائها باستخدام روبوتات الدردشة عبر تطبيقات واتساب WhatsApp وفيسبوك ماسنجر Facebook Messenger وسلاك Slack وغيرها.
ولا يعني استخدام روبوتات الدردشة أنّ المستخدمين سيحصلون على ردودًا جامدة، فالذكاء الاصطناعي هنا لديه القدرة على جمع البيانات كلها في وقت أقل بكثير مع اطلاع كامل على كافة التفاصيل والرد بكفاءة.
زيادة المبيعات في وقت أقل
أدّى انتشار الوباء العالمي ليس فقط لزيادة الشراء عبر الإنترنت بل ارتفع الاعتماد على المنصّات الرقمية، لذا تبحث الكثير من الشركات الصغيرة على طرق متنوعة لتشجيع الناس على اعتماد التجارة الإلكترونية كوسيلة أساسية، يساعد الاعتماد على الأتمتة في تطوير التجارة الإلكترونية وتسهيل وصول المنتجات المطلوبة إلى المستهلكين المحتملين، ومن خلال قدرة الذكاء الاصطناعي ومرونته في تحليل البيانات والتعلّم المستمر فإنه يمنح الشركات فرصًا أكثر ضخامة في تحسين مسار المبيعات وتحليل كمّيات هائلة من بيانات مئات العملاء في وقت قليل والتعرّف على أنماط سلوكهم وحتى معدّل قبولهم للخدمات والمنتجات بالإضافة إلى الحفاظ على المستخدمين من خطر التسرّب من خلال رسائل التحفيز عبر البريد الإلكتروني.
تصميم حملات إعلان رقمي ذكية
الحملات الرقمية واحدة من أنجح طرق استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق ويُستخدم بكثرة عبر منصات فيسبوك وانستاغرام Instagram وجوجل وغيرها، حيث تقوم عناصر الأتمتة في هذه المواقع بتحليل معلومات المستخدمين بما في ذلك الجنس والعمر والتركيبة السكانية والجوانب الأخرى حتى تظهر لهم الإعلانات الأكثر صلة وأيضًا تحديد شكل الإعلان الذي نال اهتمامهم سواء بالتوقف عليه فقط وقراءته أو النقر أو التعليق والمشاركة.
وقد قُدِّر حجم الإنفاق على الإعلانات الرقمية حول العالم بـ 273 مليار دولار عام 2018 وحده ومن المتوقع حدوث قفزة كبيرة في المستقبل نتيجة قدرة المسوِّقين على اكتشاف اتجاهات العملاء سواء الحاليين أو المتوقعين ووضع الحملات الخاصة بهم بل وتقديم السلع والخدمات التي تجذب انتباههم أكثر.
تحسين إعلانات الفيديو
لا يوجد شك أن إعلانات الفيديو لديها درجة قبول أكبر من الإعلانات المقروءة والمسموعة وتجذب فئة أكبر من المستهلكين، ولكنها في الوقت ذاته باهظة التكاليف مما يقلّل من اللجوء إليها أو الاكتفاء بدقيقة واحدة فقد والتي لا تُسمن ولا تُغني من جوع ولا تساهم في توصيل الرسالة بشكل جيد، ولكن مع الذكاء الاصطناعي فإن المسوِّقين الآن يمكنهم إنشاء وتحميل فيديوهات عالية الجودة اعتمادًا على أدوات مثل FlexClip video maker من دون تكلفة وحتى دون وجود خبرة في التصميم أو التعامل مع التكنولوجيا.
كما يساعد الذكاء الاصطناعي في تقديم اقتراحات لمقاطع الفيديو التي قد يهتم بها المستخدمين بناءً على سلوكهم وبناءً على الفيديوهات السابقة التي قاموا بمشاهدتها ممّا يساعد على الوصول إلى العملاء بشكل أسهل وأسرع.
تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاع الأعمال عمومًا
لا يتوقف تأثير الأتمتة على التسويق فقط في مجال قطاع الأعمال، ولكن يمكنه التأثير في مختلف الجوانب بدءًا من أولى خطوات الإنتاج وحتى خدمة ما بعد البيع، ففي الزراعة يمكن الاعتماد على منصات دعم القرار القائمة على الأتمتة في تحديد أفضل أوقات الحصاد وذلك بناءً على التوقعات الجوية ومعلومات رطوبة التربة وهطول الأمطار وغيرها من العوامل المؤثّرة على المحاصيل.
وحتى في الكوارث الطبيعية فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يساهم في حماية قطاع كبير من الناس وتجنّب مجموعة ضخمة من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية، وقد نجح الذكاء الاصطناعي في القطّاع الصناعي أيضًا وذلك لدوره المميّز في تحسين وظائف الآلات وزيادة جودة المنتجات وبتكلفة منخفضة أيضًا، بالإضافة للكشف عن عيوب التصنيع وغيرها قبل الخروج للمستهلك.
لا تغير الأتمتة قواعد اللعبة في التسويق والوصول إلى قاعدة أكبر من المستهلكين من خلال الحملات التسويقية فقط ولكن بالتدخّل في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتي تجعل الشكل النهائي يلقى القبول بدرجة أكبر ويدخل في الروتين اليومي للمستخدمين الأمر الذي يؤدّي في النهاية إلى ارتفاع درجة ولاء المستخدمين.