التوأمة الرقمية – الريادة والابتكار في الصناعة والإنتاج
التوأمة الرقمية – الريادة والابتكار في الصناعة والإنتاج يعرّف التوأم الرقمي Digital Twin بأنه تمثيل رقمي لجسم مادي، أي نسخة رقمية افتراضية من الأصول المادية أو المنتجات، وقد ظهر المصطلح بدايةً على يد الأكاديمي الأمريكي مايكل جريفز عام 2002 حين قدّم هذا المفهوم كجزء من بحث إدارة دورة حياة المنتج (PLM) في جامعة ميتشجان الأمريكية.
اقرا المزيد:شركات ومتاجر إلكترونية عملاقة تقبل الدفع باستخدام بيتكوين
يمكن استخدام التوأمة الرقمية عبر مجموعة متنوعة من الصناعات والتطبيقات لحل عدد من التحديات الواقعية المختلفة، سواء أكانت متعلقة بالتقنيات أو الموارد البشرية أو غير ذلك. يمكن من خلال إنشاء توأم رقمي البحث عن حلول لتحسين عمليات التصنيع، وتمديد دورة حياة المنتج وتطويره، فبدلًا من العملية التي قد تكون مكلفة للغاية لاختبار مكون مادي، يسمح التوأم الرقمي بتمثيل افتراضي للمشكلة، والحل الذي يتم التحقيق فيه.
وقد ازدادت فعالية التوأمة الرقمية بفضل تطبيقات إنترنت الأشياء (IoT)، وأصبحت أحد أهم اتجاهات المستقبل الرقمي في السنوات القادمة، وصنفت شركة أبحاث جارتنر التوائم الرقمية كأحد أهم 10 اتجاهات تكنولوجية استراتيجية لعامي 2017 و2018 قائلة إنه في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، ومع وجود ما يقدر بنحو 21 مليار مستشعر متصل ونقاط نهاية، سيتم تمثيل مليارات الأشياء بتوائم رقمية.
يمكن للتوأم الرقمي تلقّي مدخلات من أجهزة الاستشعار التي تجمع البيانات من نظيرها في العالم الحقيقي، يسمح هذا للتوأم الرقمي بمحاكاة الكائن المادي الأصل في الوقت الحقيقي، وتقديم رؤى حول الأداء والمشكلات المحتملة، كما يمكن أيضًا تصميم النموذج الافتراضي بناءً على نموذج أولي لنظيره المادي، وفي هذه الحالة يمكن أن يوفر التوأم الرقمي تغذية راجعة أثناء تنقيح المنتج، كما يمكن أن يكون التوأم أيضًا بمثابة نموذج أولي قبل إنشاء أية نسخة مادية.
يقول جون فيكرز، خبير التصنيع ومدير المركز الوطني للتصنيع المتقدم التابع لوكالة ناسا أن “الرؤية النهائية للتوأم الرقمي هي إنشاء المعدات واختبارها في بيئة افتراضية، وعندما يصل النموذج الافتراضي إلى المكان الذي يؤدي فيه متطلباتنا نقوم بتصنيعه ماديًا، بعد ذلك يتم ربط البنى المادية بتوأمها الرقمي من خلال أجهزة الاستشعار بحيث يحتوي التوأم الرقمي على جميع المعلومات التي يمكن الحصول عليها من خلال فحص البنية المادية”.
يتم من خلال أجهزة الاستشعار المثبتة في الأصول المادية جمع البيانات في الوقت الفعلي، وتخزينها بشكل محلّي أو في سحابة تخزين، ثم يتم تقييم البيانات ومحاكاتها في نسخة افتراضية من الأصول، يساعد هذا التكامل للبيانات بين التمثيل الحقيقي والافتراضي في تحسين أداء الأصول الحقيقية، وتنبؤ الأعطال والمشاكل التقنية وتجنبها قبل حدوثها، وصيانتها عن بعد، وتحسين أداء الآلات وحتى التخطيط للمستقبل باستخدام المحاكاة، ويمكن استخدام التوائم الرقيمة في عمليات التصنيع والبناء والرعاية الصحية والخدمات.
التوأمة الرقمية ونمذجة معلومات البناء:
تشكل نمذجة معلومات البناء (BIM) الأساس الذي تقوم عليه عملية التوأمة الرقمية، حيث تضمن هذه النمذجة استخدام برنامج لإنشاء نموذج افتراضي متقدم ثلاثي الأبعاد للهيكل المادي، يساعد في تصميمه وبنائه وتشغيله.
يحتوي نموذج معلومات البناء على الكثير من المعلومات التي قد يحتاجها التوأم الرقمي، ما يجعله الأساس المثالي له، من خلال دمج البيانات في الوقت الفعلي – أي من أجهزة الاستشعار – بحيث يمكن إجراء تحليل في الوقت الفعلي بناءً على ظروف التشغيل الحالية، واستخدام هذه المعلومات لاتخاذ قرارات مستقبلية.
تتضمن برامج التوأمة الرقمية النمذجة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وغيرها من التقنيات. وتتميز عن نمذجة معلومات البناء من حيث أنها تسمح للمصممين بإنشاء البيانات واختبارها وتحليلها وإنشاء منتج ومراقبته في الوقت الفعلي، وبالتالي إنشاء جسر بين العالم المادي والرقمي.
أهمية وفوائد التوأمة الرقمية:
تعتبر التوأمة الرقمية العقل المدبر القوي لدفع الابتكار والأداء، وتتوقع الشركات التي تستثمر في هذه التقنية تحسنًا بنسبة 30 بالمائة في كفاءة تنفيذ الأعمال، ومن المتوقع أن ترتبط مليارات الأشياء خلال السنوات القليلة القادمة مع توائم رقمية، ما يوفر فرص تعاون جديدة بين خبراء تصنيع المنتجات المادية، وعلماء البيانات الذين تتمثل وظيفتهم في فهم البيانات التي يتم استقبالها من الأصول المادية.
تشمل حالات الاستخدام الشائعة لتقنية التوأم الرقمي اليوم، صيانة الآلات والمعدات، بالإضافة إلى الصيانة التنبؤية بهدف التخلص من فترات التوقف غير المخطط لها في الأجهزة والمعدات.
كما تساعد تقنية التوأمة الرقمية الشركات على تحسين تجربة العملاء من خلال فهم احتياجاتهم بشكل أفضل، وتطوير وتحسين المنتجات والعمليات والخدمات الحالية.